خوارق العادة ثلاثة أنواع: النوع الأول: هو الذي يجري على أيدي الرسل والأنبياء، وهذه تسمى معجزات، ولا يستطيع أحد من البشر أن يأتي بمثل معجزات الأنبياء.
النوع الثاني: يجري على أيدي الصالحين من عباد الله، وهذه تسمى كرامات، بأن يفتح الله عليهم ويلهمهم، أو يعطيهم كرامات ظاهرها أنها تعجز البشر، ولكنها فتح من الله ومنّة منه؛ لتقوية الإيمان، أو لإمدادهم، أو لغير ذلك.
النوع الثالث: ما يجري على أيدي السحرة والمشعوذين والكهنة ونحوهم، وقد ذكرنا أن هذا يسمى بالأحوال الشيطانية، وأن الشيطان قد يلابس بعض الناس، ويظهر منه أفعال قد يتعجب منها، كما يحدث أناس بأفعالهم وبعجائب أمورهم، حتى ذُكر أن أحدهم لما لابسه شيطانه أتى إلى نار موقدة وفيها جمر أمثال الحجارة، وجعل يأخذ الجمر بيده ويأكلها، ويُسمع لها حس إذا دخلت في ريقه وانطفأت به، ثم يبتلعها، حتى ابتلع الجمر كله، ويقولون: كانت النار تتقّد لكثرة جمرها، فانطفأت من كثرة ما أكل، ولا شك أن هذا من الشيطان الذي لابسه، والشيطان مخلوق من النار، ولا يتأثر بالنار، قال تعالى: {وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ} [الحجر:27] ، فلا ينكر أن تجري مثل هذه الأشياء على أيدي هؤلاء المشعوذين ومن أشبههم.
كذلك أيضاً لا شك أن هؤلاء الذين يسمون أنفسهم أو يسميهم بعض الناس أهل الغوث، ليس لهم طريق يسلكونه إلا سلوك الطريق النبوية، وليس لأحد أن يخالف الشريعة، بل الأمة مكلفة باتباع هذه الشريعة مهما كانت، ولو خالفت الأهواء، ولو صعبت في بعض الأحوال؛ إذ لا يجوز لأحد الخروج عن العقيدة قيد أنملة، بل يتقيد بها، والله تعالى سدّ الطرق إلا طريق النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكلف الأمة باتباعه وبتقليده مهما كانت الأحوال، وجعل طاعته سبباً للسعادة، ومعصيته سبباً للشقاوة؛ قال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:71] ، وقال: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} [النساء:14] .