تمت الخلافة لـ عثمان رضي الله عنه، وسار في الناس سيرة حسنة، وبقي خليفة اثنتي عشرة سنة إلى أن قتل سنة خمس وثلاثين رضي الله عنه.
وله فضائل كثيرة، ولو لم يكن من فضائله إلا أنه هاجر الهجرتين: هاجر أولاً إلى الحبشة، ثم هاجر بعد ذلك إلى المدينة.
ومن فضائله أنه يقال له: ذو النورين؛ لأنه تزوج أولاً رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ماتت سنة اثنتين من الهجرة زمن وقعة بدر، ثم زوجه النبي صلى الله عليه وسلم ابنته الثانية أم كلثوم، ولكنها أيضاً ماتت في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: (لو كان لنا بنت ثالثة لزوجناها عثمان) ؛ ولذلك قيل له: ذو النورين، ويقال: لا أحد تزوج بنتي نبي إلا عثمان؛ ولذلك يقول فيه الكلوذاني: قالوا فثالثهم فقلت مجاوباً من بايع المختار عنه باليد صهر النبي على ابنتيه ومن حوى فضلين فضل تلاوة وتهجد أعني ابن عفان الشهيد ومن دعي في الناس ذو النورين صهر محمد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم لما نزل في الحديبية، وصده المشركون عن دخول الحرم، وعن إكمال عمرته؛ أراد أن يبعث عمر إلى قريش، ولكن عمر خاف منهم؛ لكرامته وقوته، فأشار إليه أن يبعث عثمان؛ لكونه ذا قرابة منهم، فـ أبو سفيان قريبه، وهو سيد فيهم، فوقع الاختيار عليه، فبعثه، ولما بعثه قالوا له أهل مكة: نمكنك أن تطوف بالبيت، فقال: لا أطوف والنبي صلى الله عليه وسلم لم يطف، ثم جاء خبر كاذب بأن عثمان قتل، فعند ذلك فزع النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (بايعوني) ، فبايعه الصحابة البيعة التي تسمى بيعة الرضوان، ولما تمت وجاء الخبر بأن عثمان حي، أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى على يده اليسرى، وقال: (هذه لعثمان) أي: هذه بيعة عثمان، فكأنه بايع عن عثمان بنفسه؛ فلذلك يقال: إنه من أهل البيعة وإن لم يكن حضرها، بل البيعة ما حصلت إلا بسببه.
ولا شك أن تزوجه ببنتي النبي صلى الله عليه وسلم مزية وأي مزية، وفضيلة كبيرة.
وعثمان رضي الله عنه كان من أوائل الذين أسلموا؛ وذلك لأنه تزوج رقية قبل نزول الوحي بمدة، وكانت رقية قد خطبها أحد أبناء أعمامها أبي لهب، ولكن كرهته وكرهه النبي صلى الله عليه وسلم قبل نزول الوحي، ثم خطبها عثمان وتزوج بها؛ لما رؤي منه من الأهلية، ورزق منها أولاداً، وهاجر بها، ولما نزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم كان عثمان صهراً للنبي عليه الصلاة والسلام، وكان قد عرف صدقه، وعرف أهليته، فلم يتوقف أن أسلم، فهو من أوائل من أسلم، ولم يسلم لكونه صهراً للنبي صلى الله عليه وسلم، فإن أبا العاص بن الربيع زوج زينب صهر للنبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك لم يسلم إلا في سنة ثمان، بل تمسك بدينه، مع أن زوجته -وهي بنت النبي صلى الله عليه وسلم- أسلمت، لكن عثمان أسلم؛ لكونه اقتنع بصحة النبوة، ولأهلية النبي صلى الله عليه وسلم للنبوة، فأسلم وهاجر الهجرتين كما عرفنا، وله فضائل كثيرة رضي الله عنه، استحق بها أن يكون خليفة على المسلمين.