(أَلَا تَرَى) أَنَّهُمْ حِينَ رَأَوْهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَوْ أَرَادُوا التَّعَرُّضَ لَهُ فَقَالَ: أَنَا ذِمِّيٌّ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ فَكَذَلِكَ إذَا وَجَدُوهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَهَذَا لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُمْ: أَنَا ذِمِّيٌّ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذُوهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُمْ بَعْدَمَا أَخَذُوهُ. وَعَلَى هَذَا لَوْ لَمْ يَكُونُوا رَأَوْهُ قَبْلَ هَذَا، إلَّا أَنَّهُ شَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ ذِمِّيٌّ. لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ.
3901 - وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ مُسْلِمٌ فِي جَمِيعِ هَذَا، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ سِيمَاءُ الْمُسْلِمِينَ فَلَا إشْكَالَ فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ سِيمَاءُ أَهْلِ الْكُفْرِ فَقَالَ: أَكْرَهُونِي حَتَّى تَزَيَّيْتُ بِهَذَا الزِّيِّ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَصْلُ الْإِسْلَامِ لَهُ أَوْ الذِّمَّةِ، بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ لَا يَرْتَفِعُ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ الزِّيِّ لِأَنَّ مَا قَالَهُ مُحْتَمَلٌ يَشْهَدُ لَهُ الظَّاهِرُ، فَإِنَّ مَنْ بَقِيَ بَيْنَ قَوْمٍ يُخَالِفُونَهُ فِي الطَّرِيقِ قَدْ يَتَزَيَّا بِزِيِّهِمْ تُقْيَةً؛ فَلِهَذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ
3902 - وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ صَالَحُوا وَصَارُوا ذِمَّةً وَقَعَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَعَلَى نِسَائِهِمْ؛ لِأَنَّ النِّسَاءَ تَبَعٌ لِلرِّجَالِ، وَلِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَقْبَلُونَ الذِّمَّةَ لِيَسْكُنُوا فِي مَسَاكِنِهِمْ وَسُكْنَاهُمْ إنَّمَا تَكُونُ بِالنِّسَاءِ وَالذَّرَارِيِّ