لِأَنَّهُ نُصِّبَ نَاظِرًا وَقَدْ سَلَّمَ إلَيْهِمْ قَوْمًا أَصِحَّاءَ فَلَهُ أَلَّا يَأْخُذَ مِنْهُمْ قَوْمًا عُمْيَانًا مَقْطُوعِينَ وَيُعْطِيَهُمْ رَهْنَهُمْ أَصِحَّاءَ.

3548 - وَإِنْ قَالَ الرَّهْنُ: الْحَقُّ حَقُّنَا وَنَحْنُ نَرْضَى بِذَلِكَ، فَخُذُونَا مِنْهُمْ، فَإِنَّا لَا نَأْمَنُ الْبَلَاءَ عَلَى أَنْفُسِنَا، لَمْ يَلْتَفِت الْإِمَامُ إلَى مَقَالَتِهِمْ. لِأَنَّ فِي هَذَا تَوْهِينًا لِلدِّينِ، وَخَدِيعَةً مِنْ الْمُشْرِكِينَ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ [وَازْدِرَاءً لَهُمْ] ، وَالضَّرَرُ فِي ذَلِكَ إلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا يَتْرُكُ الْإِمَامُ مُرَاعَاةَ هَذَا الْجَانِبِ بِقَوْلِ الرَّهْنِ.

(أَرَأَيْت) لَوْ كَانَ الرَّهْنُ بِآخِرِ الرَّمَقِ مُقَطَّعِي الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ، فَقَالُوا: خُذُونَا مِنْهُمْ أَكَانَ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَهُمْ رَهْنَهُمْ أَصِحَّاءَ سَالِمِينَ وَيَأْخُذَ الْمُسْلِمِينَ بِآخِرِ رَمَقٍ لِمَا صَنَعُوا بِهِمْ؟ هَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ بِهِ أَحَدٌ.

لِأَنَّهُ رِضَاءٌ بِالدَّنِيَّةِ فِي الدِّينِ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى مِنْ أَنْ نُعْطَى الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا فَإِنَّ الذَّلِيلَ يُعْطَى مَا سُئِلَ، وَلَوْ جَازَ هَذَا لَجَازَ أَنْ يُقَالَ: إذَا قَتَلُوا رَهْنَنَا ثُمَّ قَالَ وَرَثَتُهُمْ: قَدْ عَفَوْنَا عَنْهُمْ فَرَدُّوا عَلَيْهِمْ رَهْنَهُمْ، أَنْ يَرُدُّوهُمْ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ وَرَثَةَ الْمَقْتُولِينَ يَقُومُونَ مَقَامَهُمْ، هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى قَوْلِ الرَّهْنِ، وَلَا إلَى قَوْلِ وَرَثَتِهِ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُ إلَى تَوْهِينِ الدِّينِ، وَجُرْأَةِ الْمُشْرِكِينَ.

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا سَأَلُوا تَوْهِينٌ لَلدِّينِ أَجَابَهُمْ الْإِمَامُ إلَى ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَوْهِينُ الدِّينِ وَجُرْأَةُ الْمُشْرِكِينَ عَلَيْهِمْ لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُمْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015