أَلَا تَرَى) أَنَّ رَهْنَنَا لَوْ كَانُوا مِائَةً، فَقَتَلُوهُمْ كُلَّهُمْ إلَّا رَجُلًا وَاحِدًا، فَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ: خُذُونِي مِنْهُمْ، وَرُدُّوا عَلَيْهِمْ رَهْنَهُمْ، فَإِنَّهُمْ قَاتِلِيَّ إنْ لَمْ تَفْعَلُوا، لَمْ يَلْتَفِتْ الْإِمَامُ إلَى قَوْلِهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مَعْنَى تَوْهِينِ الدِّينِ كَمَا بَيَّنَّا.
3549 - فَإِنْ كَانُوا حِينَ فَقَئُوا أَعْيُنَ الرَّهْنِ قَالُوا لِلْمُسْلِمِينَ: نَرُدُّ عَلَيْكُمْ رَهْنَكُمْ وَنُعْطِيكُمْ الدِّيَةَ فِيمَا صَنَعْنَا بِرَهْنِكُمْ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْبَلَ الْإِمَامُ مِنْهُمْ هَذَا. لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَوْهِينُ الدِّين، فَإِنَّهُمْ يَرُدُّونَ الرَّهْنَ وَيَرُدُّونَ عِوَضَ مَا أَتْلَفُوا مِنْهُمْ، وَلَيْسَ فِي وُسْعِهِمْ فَوْقَ ذَلِكَ.
3550 - وَلَوْ قَتَلُوا بَعْضَ رَهْنِنَا وَبَقِيَ الْبَعْضُ كَانَ لِلْإِمَامِ أَلَّا يَرُدَّ عَلَيْهِمْ رَهْنَهُمْ، حَتَّى يَرُدُّوا عَلَيْنَا الْأَحْيَاءَ، وَيُخَيَّرُونَ فِي الْقَتْلَى بَيْنَ الدِّيَاتِ وَبَيْنَ دَفْعِ الْقَاتِلِينَ إلَيْهِ؛ اعْتِبَارًا لِلْبَعْضِ بِالْكُلِّ. وَلَوْ أَنَّهُمْ ضَرَبُوا رَهْنَنَا، أَوْ شَجُّوهُمْ فَبَرِئُوا عَلَى وَجْهٍ لَمْ يَبْقَ أَثَرُهُ فَقَالُوا لِلْإِمَامِ: أَخْرِجْنَا مِنْ أَيْدِيهمْ وَادْفَعْ إلَيْهِمْ رَهْنَهُمْ فَلَا بَأْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ. لِأَنَّ الْمَظْلُومَ قَدْ رَضِيَ بِتَرْكِ الْمُطَالَبَةِ لِحَقِّهِ، وَلَيْسَ فِي أَخْذِهِمْ وَرَدِّ الرَّهْنِ عَلَيْهِمْ مَعْنَى تَوْهِينِ الدِّينِ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُجِيبَهُمْ الْإِمَامُ إلَى ذَلِكَ.
3551 - وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ الرَّهْنُ فِي أَيْدِيهمْ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ، بَعْدَ مَا بَرَّءُوا ذِمَّتَهُ فَقَالَ وَرَثَةُ الرَّهْنِ قَدْ تَرَكْنَاهُ لَهُمْ، فَرُدُّوا عَلَيْهِمْ رَهْنَهُمْ.