وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ أَسَرَ الْإِمَامُ الْقَوْمَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَقَسَّمَهُمْ، ثُمَّ إنَّ مَوَالِيهِمْ أَعْتَقَهُمْ فَصَارُوا ذِمَّةً لِلْمُسْلِمِينَ يُؤَدُّونَ الْخَرَاجَ، ثُمَّ طَلَبَ الْمُشْرِكُونَ أَنْ يُفَادُونَا بِأُسَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ بِهِمْ، فَإِنَّ الْإِمَامَ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ بِغَيْرِ طِيبَةِ نَفْسِ الْمُعْتَقِينَ، فَإِنْ طَابَتْ نُفُوسُهُمْ بِذَلِكَ فَعَلُوهُ، فَكَذَلِكَ مَا سَبَقَ، وَلَوْ قَالُوا: نُعْطِيكُمْ الدِّيَاتِ، وَنُعْطِيكُمْ مَنْ قَتَلَ الرَّهْنَ، فَلَيْسَ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ رَهْنَهُمْ بَعْدَ مَا جَعَلَهُمْ ذِمَّةً.
لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مُفَادَاةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِالْمَالِ، وَأَهْلُ الْحَرْبِ مِنْهُمْ، وَذَلِكَ لَا رُخْصَةَ فِيهِ، إنَّمَا الَّذِي يُرَخَّصُ فِيهِ إعَادَةُ الذِّمِّيِّ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، لِيَكُونَ حَرْبًا لِلْمُسْلِمِينَ إذَا كَانَ فِيهِ تَخْلِيصُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَسْرِ الْمُشْرِكِينَ فَقَطْ.
3541 - فَلَوْ أَعْطَى الْمُسْلِمُونَ الْمُشْرِكِينَ رَهْنًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَأَعْطَاهُمْ الْمُشْرِكُونَ رَهْنًا مِنْ جَوَاهِرَ، أَوْ ثِيَابٍ، ثُمَّ غَدَرُوا فَقَتَلُوا الرَّهْنَ، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَجْعَلُ رَهْنَهُمْ مَوْقُوفًا فِي بَيْتِ الْمَالِ، لَا يُعْطَى وَرَثَةَ الرَّهْنِ الْمَقْتُولِينَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. لِأَنَّ حَقَّهُمْ مَقْصُورٌ عَلَى بَدَلِ نُفُوسِ الْمَقْتُولِينَ. وَهَذَا لَيْسَ مِنْ بَدَلِ نُفُوسِهِمْ فِي شَيْءٍ، وَلَكِنَّهُ مَالُ أَهْلِ الْحَرْبِ قَدْ يَثْبُتُ فِيهِ حُكْمُ الْإِمَامِ فِي دِيَارِنَا، فَيَجْعَلُهُ الْإِمَامُ مَوْقُوفًا فِي بَيْتِ الْمَالِ.
3542 - وَإِنْ خَافَ الْفَسَادَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ بَاعَهُ، وَوَقَفَ ثَمَنَهُ