عَنْهُمْ فِي مَوْضِعٍ مِنْ دَارِنَا، لَا يَقْدِرُونَ فِيهِ عَلَى الرُّجُوعِ إلَى بِلَادِهِمْ. لِأَنَّهُمْ احْتَبَسُوا فِي دَارِنَا حِينَ احْتَبَسُوا رَهْنَنَا عِنْدَهُمْ.
3538 - فَإِنْ أَسْلَمُوا فَهُمْ أَحْرَارٌ، وَإِنْ أَبَوْا جَعَلَهُمْ الْإِمَامُ ذِمَّةً لِمَا بَيَّنَّا، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُؤَجِّلَ أَهْلَ الْحَرْبِ فِي أَمْرِهِمْ سَنَةً، فَإِنْ أَرْضَوْنَا وَإِلَّا جَعَلْنَاهُمْ ذِمَّةً، وَوَضَعْنَا عَلَيْهِمْ الْخَرَاجَ، فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةُ أَخَذْنَا مِنْهُمْ الْخَرَاجَ. لِأَنَّ إرْضَاءَ الْمُشْرِكِينَ الْمُسْلِمِينَ بِبَعْضِ الْوُجُوهِ الَّذِي ذَكَرْنَا مَوْهُومٌ، وَبَعْدَ الْإِرْضَاءِ يَجِبُ رَدُّ رَهْنِهِمْ عَلَيْهِمْ، فَلِهَذَا يَتَأَنَّى الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ، وَالْحَوْلُ حَسَنٌ لِإِبْلَاءِ الْعُذْرِ كَمَا فِي أَجَلِ الْعِتْقِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ نَظِيرُ الْمُسْتَأْمَنِ إذَا أَطَالَ الْمُقَامَ فِي دَارِنَا، فَلِأَنَّ الْإِمَامَ يَتَقَدَّمُ إلَيْهِ وَيَقُولُ إنْ أَقَمْت سَنَةً مِنْ يَوْمِك هَذَا جَعَلْتُك ذِمَّةً، ثُمَّ إنْ خَرَجَ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ تَرَكَهُ، وَإِنْ مَضَتْ السَّنَةُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ أَخَذَ مِنْهُ الْخَرَاجَ، وَلَمْ يُمَكِّنْهُ مِنْ الرُّجُوعِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ حَالُ الرَّهْنِ.
3539 - فَإِنْ قَالُوا بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ نَحْنُ نُرْضِيكُمْ بِإِعْطَاءِ الْأُسَارَى وَالدِّيَاتِ، فَرُدُّوا عَلَيْنَا رَهْنَنَا، فَإِنَّ الْإِمَامَ لَا يَرُدُّهُمْ بِالدِّيَاتِ بَعْدَ مَا صَارُوا ذِمَّةً لَنَا، وَبَعْدَ إعْطَاءِ الْأُسَارَى إنْ كَرِهَ الرَّهْنُ ذَلِكَ لَمْ يَرُدَّهُمْ، وَإِنْ طَابَتْ نُفُوسُهُمْ بِذَلِكَ رَدَّهُمْ عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرْنَا فِي مُفَادَاةِ الْأُسَرَاءِ بِأَهْلِ الذِّمَّةِ. لِأَنَّ هَؤُلَاءِ صَارُوا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ.