مَلِكِهِمْ أَنَّ الْغَصْبَ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ، وَلَا يَتِمُّ إحْرَازُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ حُكْمِ مَلِكِهِمْ، لِتَمَكُّنِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ مِنْ أَنْ يُخَاصِمَهُ إلَى مَلِكِهِمْ لِيَسْتَرِدَّهُ مِنْهُ، وَالْإِسْلَامُ بَعْدَ تَمَامِ الْإِحْرَازِ يُقَرِّرُ الْمِلْكَ، وَقَبْلَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ لِوُجُودِ سَبَبِهِ، لَا يُوجِبُ الْمِلْكَ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُمْ لَوْ أَخَذُوا مَالًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ أَسْلَمُوا قَبْلَ الْإِحْرَازِ بِدَارِهِمْ أُمِرُوا بِرَدِّهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمُوا بَعْدَ الْإِحْرَازِ بِدَارِهِمْ. وَلَوْ كَانَ اسْتَهْلَكَهُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا ثُمَّ أَسْلَمُوا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ضَمَانٌ فِي الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الضَّمَانِ بِاعْتِبَارِ الْعِصْمَةِ، وَالتَّقَوُّمِ فِي الْمَحَلِّ، وَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فَأَمَّا وُجُوبُ رَدِّ الْعَيْنِ لَا يَسْتَدْعِي الْعِصْمَةَ وَالتَّقَوُّمَ فِي الْمَحَلِّ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ مُسْلِمًا لَوْ غَصَبَ مِنْ مُسْلِمٍ خَمْرًا أُمِرَ بِرَدِّهَا عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا وَلَوْ كَانَ اسْتَهْلَكَهَا لَمْ يَضْمَنْ لَهُ شَيْئًا مِنْ مِثْلٍ، أَوْ قِيمَةٍ.
5463 - فَإِنْ كَانَ الْقَوْمُ لَا مُوَادَعَةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَخَرَجَ الْغَاصِبُ بِالْمَغْصُوبِ إلَى دَارِنَا وَهُوَ مُسْلِمٌ، أَوْ ذِمِّيٌّ، ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهُ مُسْلِمًا، أَوْ ذِمِّيًّا، أَوْ مُسْتَأْمَنًا فَخَاصَمَهُ فِي ذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ سَبِيلٌ فِي الْوَجْهَيْنِ.
لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ حُكْمِ مَلِكِهِمْ أَنَّ الْغَصْبَ سَبَبُ الْمِلْكِ فَمِنْ حُكْمِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ إحْرَازَ مَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ الَّذِينَ لَا مُوَادَعَةَ لَهُمْ بِدَارِ الْإِسْلَامِ سَبَبٌ تَامٌّ لِلْمِلْكِ.
3464 - وَإِنْ كَانَ الْقَوْمُ فِي مُوَادَعَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَالْمَسْأَلَةُ