وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَتْ الْمُوَادَعَةُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَهْلِ الدَّارَيْنِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ كُلُّ دَارٍ لَهَا مِلْكٌ عَلَى حِدَةٍ، ثُمَّ أَغَارَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضِ، فَجَاءَنَا كُلُّ فَرِيقٍ بِمِائَةِ رَأْسٍ مِمَّنْ أَسَرُوهُمْ مِنْ الْفَرِيقِ الْآخَرَ، فَإِنَّا نَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَا مُوَادَعَةَ فِيمَا بَيْنَ الدَّارَيْنِ، وَإِنَّمَا الْمُوَادَعَةُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، وَهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ قَبْلَ الْمُوَادَعَةِ يَمْلِكُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِالْأَسْرِ، حَتَّى لَوْ أَسْلَمُوا، أَوْ صَارُوا ذِمَّةً كَانَ ذَلِكَ سَالِمًا لَهُمْ، وَلَوْ أَرَادُوا بَيْعَهُمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ جَازَ الشِّرَاءُ مِنْهُمْ، فَكَذَلِكَ يَجُوزُ أَخْذُهُمْ فِي الْفِدَاءِ.
3462 - وَكَذَلِكَ إنْ كَانُوا أَهْلَ دَارٍ وَاحِدَةٍ وَفِي حُكْمِهِمْ أَنَّ مَنْ قَهَرَ صَاحِبَهُ كَانَ عَبْدًا لَهُ عَلَى مَا هُوَ الْمَعْرُوفُ بَيْنَ الدَّيْلَمِ، فَإِنَّهُمْ أَهْلُ دَارٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ يُغِيرُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. وَهَذَا لِأَنَّهُ لَا مُوَادَعَةَ فِيمَا بَيْنَهُمْ لِلْبَعْضِ مَعَ الْبَعْضِ فَالْقَاهِرُ يَمْلِكُ الْمَقْهُورَ، إذَا تَمَّ قَهْرُهُ بِاعْتِبَارِ حُكْمِ مَلِكِهِمْ، وَيَصِيرُ الْمَقْهُورُ عَبْدًا لَهُ. وَعَلَى هَذَا لَوْ غَصَبَ بَعْضُهُمْ مَالًا ثُمَّ أَسْلَمُوا وَاخْتَصَمُوا فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَنْظُرُ فِي حُكْمِهِمْ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ مِنْ حُكْمِهِمْ أَنَّ الْغَاصِبَ يَمْلِكُ الْمَغْصُوبَ بِالْغَصْبِ لَمْ يَأْمُرْ الْغَاصِبَ بِرَدِّ شَيْءٍ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ حُكْمِهِمْ، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَأْمُرُوهُ بِالرَّدِّ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا بِهِ، أَوْ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يُخَاصِمْهُ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَأْمُرهُ بِالرَّدِّ.؛ لِأَنَّ الْمُبَاحَ يُمْلَكُ بِالْإِحْرَازِ، وَإِحْرَازُ الْغَاصِبِ بِاعْتِبَارِ يَدِهِ يَتِمُّ إذَا كَانَ مِنْ حُكْمِ