3460 - وَإِنْ كَانُوا أَقَرُّوا بِهَذَا فِي دَارِ الْحَرْبِ طَوْعًا فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي حُكْمِ الْمُشْرِكِينَ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ مِنْهُمْ بِالرِّقِّ لِإِنْسَانٍ فَهُوَ عَبْدٌ لَهُ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانُوا عَبِيدًا يَقْبَلُهُمْ فِي الْفِدَاءِ. لِأَنَّ حُرِّيَّتَهُمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَيْسَتْ بِحُرِّيَّةٍ قَوِيَّةٍ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهَا تَنْتَقِضُ بِالِاسْتِرْقَاقِ، إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ مُوَادَعَةٌ، وَبَعْد الْمُوَادَعَةِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ لَا مُوَادَعَةَ فِيمَا بَيْنَهُمْ لِلْبَعْضِ مَعَ الْبَعْضِ، فَالْمُقَرُّ لَهُ يَتِمُّ اسْتِرْقَاقُهُ لِلْمُقِرِّينَ بِالرِّقِّ إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ حُكْمِهِمْ، فَصَارُوا عَبِيدًا لَهُ وَلَا يَتِمُّ اسْتِرْقَاقُهُ لَهُمْ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ حُكْمِهِمْ، كَمَا لَا يَتِمُّ ذَلِكَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ حُكْمِ الْإِسْلَامِ اسْتِرْقَاقُ الْحُرِّ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُمْ لَوْ أَسْلَمُوا بَعْدَ هَذَا الْإِقْرَارِ فَإِنْ كَانَ مِنْ حُكْمِهِمْ الِاسْتِرْقَاقُ بِسَبَبِ الْإِقْرَارِ كَانُوا عَبِيدًا لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ حُكْمِهِمْ كَانُوا أَحْرَارًا عَلَى مَا عُلِمَ مِنْ أَصْلِهِمْ.

وَأُوَضِّحُ هَذَا بِقَوْمِ مَنْ حَكَمَ مَلِكُهُمْ أَنَّ السَّارِقَ يُجْعَلُ عَبْدًا لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ فَحَكَمَ بِذَلِكَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ أَسْلَمُوا فَإِنَّهُ يَكُونَ السَّارِقُ عَبْدًا عَلَى مَا جَرَى الْحُكْمُ بِهِ سَوَاءٌ كَانُوا مُوَادِعِينَ لَنَا حِينَ حَكَمَ بِذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَكُونُوا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْإِسْلَامِ كَانَ لَا يَجْرِي فِي دِيَارِهِمْ بِالْمُوَادَعَةِ كَمَا شَرَطُوا ذَلِكَ، وَالْإِقْرَارُ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ يَلْزَمُ كَقَضَاءِ الْقَاضِي، وَإِذَا كَانَ هَذَا الْحُكْمُ يَثْبُتُ بِقَضَاءِ قَاضِيهِمْ فَكَذَلِكَ يَثْبُتُ بِإِقْرَارِ الْمُقِرِّ عَلَى نَفْسِهِ بِالرِّقِّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015