وَوَجَبَ الْفِدَاءُ كَانَ ذَلِكَ إلَى الْمُشْرِكِينَ، يُعْطُونَهُمْ مِنْ أَيِّ صِنْفٍ شَاءُوا وَسَطًا مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ عَلَيْهِمْ، فَيَكُونُ الْقَوْلُ فِي بَيَانِ الْجِنْسِ الْوَاجِبِ قَوْلَهُمْ، كَمَنْ أَقَرَّ لِإِنْسَانٍ بِثَوْبٍ، كَانَ بَيَانُ الْجِنْسِ فِيهِ إلَى الْمُقِرِّ.

وَلَوْ أَوْصَى لِإِنْسَانٍ بِثَوْبٍ كَانَ بَيَانُ الْجِنْسِ فِيهِ إلَى الْوَارِثِ الْقَائِمِ مَقَامَ الْمُورِثِ، وَهَذَا لِأَنَّ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ يَتَعَيَّنُ مَنْفَعَةُ الْمُسْلِمِينَ فِي الرُّجُوعِ إلَى بَيَانِهِمْ فِي الْجِنْسِ، إذْ لَوْ لَمْ يُرْجَعْ إلَى ذَلِكَ وَاعْتَبَرْنَا الْجَهَالَةَ لَمْ يَسْلَمْ لِلْمُسْلِمِينَ شَيْءٌ، وَبِهِ فَارَقَ النِّكَاحَ، فَإِنَّ هُنَاكَ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ، لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ فِي بَيَانِ جِنْسِ الثَّوْبِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ قَدْ وَجَبَ مَا هُوَ الْبَدَلُ الْأَصْلِيُّ الْمَمْلُوكُ بِالنِّكَاحِ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ فَانْدَفَعَ الضَّرَرُ عَنْهَا بِهِ، فَلَا حَاجَةَ إلَى الرُّجُوعِ إلَى بَيَانِ الزَّوْجِ.

3459 - وَلَوْ كَانَتْ الْمُوَادَعَةُ عَلَى مِائَةِ رَأْسٍ فَأَقَرَّ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ مِنْ أَحْرَارِهِمْ أَنَّهُمْ عَبِيدُ الْمَلِكِ، فَبَعَثَ بِهِمْ الْمَلِكُ إلَى الْمُسْلِمِينَ لِحَقِّهِمْ، وَقَدْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُمْ أَحْرَارُ الْأَصْلِ، فَإِنْ كَانُوا أَقَرُّوا بِذَلِكَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يُلْتَفَت إلَى إقْرَارِهِمْ.؛ لِأَنَّهُمْ حَصَلُوا آمِنِينَ فِي دَارِنَا، وَقَدْ تَأَكَّدَتْ حُرِّيَّتُهُمْ الْمَعْلُومَةُ بِذَلِكَ، فَلَا يَبْطُلُ ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِمْ بِالرِّقِّ.

بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ حَالُهُمْ فَإِنَّ هُنَاكَ بِدُخُولِهِمْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَا تَتَأَكَّدُ حُرِّيَّتُهُمْ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَعْلُومَةً.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ مَجْهُولَ الْحَالِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إذَا أَقَرَّ بِالرِّقِّ عَلَى نَفْسِهِ كَانَ ذَلِكَ مَقْبُولًا مِنْهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَعْلُومَ الْحُرِّيَّةِ فِي الْأَصْلِ فَأَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالرِّقِّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015