قَالَ: وَلَوْ كَانُوا اشْتَرَطُوا فِي الصُّلْحِ مِائَةَ قَوْسٍ، أَوْ مِائَةَ دِرْعٍ حَدِيدٍ، أَوْ مِائَةَ سَيْفٍ فَهَذَا وَاشْتِرَاطُ مِائَةِ رَأْسٍ سَوَاءٌ فِي أَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُمْ مَا جَاءُوا بِهِ مِنْ غَيْرِ الْمُسَمَّى، أَوْ قِيمَتِهِ. وَكَذَلِكَ إنْ شَرَطُوا ذَلِكَ مِنْ كُرَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَسِلَاحِهِمْ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ، فَإِنَّ هُنَاكَ إذَا شَرَطُوا ذَلِكَ مِنْ رَقِيقِ الْمُسْلِمِينَ لَمْ تُقْبَلْ الْقِيمَةُ. لِأَنَّ رَقِيقَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ، وَفِي اشْتِرَاطِهِمْ مَنْفَعَةُ تَخْلِيصِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَهَذَا الْمَقْصُودُ لَا يَحْصُل بِالْقِيمَةِ، فَأَمَّا الْكُرَاعُ وَالسِّلَاحُ فَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ، سَوَاءٌ شَرَطُوهُ مُطْلَقًا، أَوْ مِمَّا كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ. (أَلَا تَرَى) أَنَّ الْحَرْبِيَّ لَوْ دَخَلَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ وَمَعَهُ كُرَاعٌ وَسِلَاحٌ وَقَدْ كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ فَأَحْرَزُوهُ لَمْ يَكُنْ مَمْنُوعًا مِنْ رَدِّهِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ. وَلَوْ كَانَ مَعَهُ عَبْدٌ مَأْسُورٌ مِنْ مُسْلِمٍ، أَوْ مُعَاهَدٍ قَدْ أَحْرَزُوهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَأُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهِ. فَبِهِ يَتَّضِحُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ.
3458 - وَلَوْ كَانُوا شَرَطُوا فِي الْمُوَادَعَةِ مِائَةَ ثَوْبٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ، أَوْ مِائَةَ دَابَّةٍ كَانَتْ الْمُوَادَعَةُ فَاسِدَةً. لِأَنَّ الثِّيَابَ أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ، وَالدَّوَابُّ كَذَلِكَ، فَالِاسْمُ حَقِيقَةً يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَا يَدِبُّ عَلَى الْأَرْضِ؛ وَحُكْمًا يَتَنَاوَلُ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ، وَمَعَ جَهَالَةِ الْجِنْسِ لَا يَصِحُّ التَّسْمِيَةُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْعُقُودِ، بِخِلَافِ تَسْمِيَةِ الرَّأْسِ، فَالْجِنْسُ هُنَاكَ مَعْلُومٌ، فَإِنَّمَا بَقِيَتْ الْجَهَالَةُ فِي الصِّفَةِ، وَهِيَ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ التَّسْمِيَةِ فِيمَا بُنِيَ أَمْرُهُ عَلَى التَّوَسُّعِ، كَالنِّكَاحِ وَأَخَوَاتِهِ فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَنْبِذُوا إلَيْهِمْ حَتَّى يُوَادِعُوهُمْ عَلَى أَمْرٍ بَيِّنٍ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ