مَقْهُورِينَ، وَقَالُوا: هَؤُلَاءِ عَبِيدُنَا جِئْنَاكُمْ بِهِمْ لِتَأْخُذُوهُمْ فِي الْفِدَاءِ، وَقَالَ الْقَوْمُ: كَذَبُوا نَحْنُ أَحْرَارٌ مِثْلُهُمْ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمِائَةِ الرَّأْسِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْخِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَحُكْمِ الْمُسْلِمِينَ، وَمِنْ حُكْمِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ مَنْ لَا نَدْرِي كَيْفَ كَانَتْ حَالُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ لِنَفْسِهِ حَتَّى يَقُومَ عَلَيْهِ حُجَّةُ الرِّقِّ.
3443 - فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُمْ عَبِيدٌ لَهُمْ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ، سَوَاءٌ كَانَ الشُّهُودُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، أَوْ أَهْلِ الْحَرْبِ. لِأَنَّهَا تَقُومُ عَلَيْهِمْ بِالرِّقِّ، وَهُمْ أَهْلُ الْحَرْبِ، وَشَهَادَةُ أَهْلِ الْحَرْبِ عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ حُجَّةٌ. إذَا كَانُوا عُدُولًا فِي دِينِهِمْ.
3444 - وَإِنْ قَالَ الَّذِينَ جَاءُوا بِهِمْ: كَانُوا أَحْرَارًا وَلَكِنَّا قَهَرْنَاهُمْ بِإِذْنِ مَلِكِنَا فِي دَارِنَا حَتَّى صَارُوا عَبِيدًا لَنَا، وَقَالَ الْقَوْمُ: مَا قَهَرْنَاهُمْ وَلَا عَرَضُوا لَنَا عِنْدَكُمْ فَالْقَوْلُ أَيْضًا قَوْلُهُمْ. لِأَنَّ قَهْرَهُمْ إيَّاهُمْ حَادِثٌ، فَيُحَالُ بِحُدُوثِهِ عَلَى أَقْرَبَ الْأَوْقَاتِ، وَلِأَنَّهُمْ يَدَّعُونَ عَلَيْهِمْ سَبَبَ الرِّقِّ وَهُمْ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ، وَدَعْوَى السَّبَبِ كَدَعْوَى الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِالسَّبَبِ؛ لِأَنَّ الْأَسْبَابَ تُرَادُ لِأَحْكَامِهَا لَا لِأَعْيَانِهَا، فَلَا يُقْضَى بِرِقِّهِمْ حَتَّى تَقُومَ الْحُجَّةُ لِلْمُدَّعِي كَمَا فِي الْفَصْل الْأَوَّلِ.
3445 - وَهَذَا كُلُّهُ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ دَيْنًا، أَوْ عَقْدًا جَرَى بَيْنَهُمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ