بِأَخْذِهِمْ لِمَا قَرَّرْنَا، وَلَوْ كَانُوا دَخَلُوا جَمِيعًا دَارَنَا بِغَيْرِ أَمَانٍ إلَّا بِتِلْكَ الْمُوَادَعَةِ كَانُوا آمِنِينَ بِهَا فِي دَارِهِمْ فَكَذَلِكَ بَعْدَ خُرُوجِهِمْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ.

3442 - فَإِنْ قَهَرُوا مِنْهُمْ مِائَةَ رَأْسٍ بَعْدَ مَا خَرَجُوا إلَيْنَا لَمْ يَسَعْنَا أَنْ نَأْخُذَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَلَكِنَّا نَمْنَعُهُمْ مِنْ قَهْرِهِمْ.

لِأَنَّ حُكْمَ الْإِسْلَامِ ظَاهِرٌ فِي دَارِنَا، وَمِنْ حُكْمِ الْإِسْلَامِ أَلَّا يُسْتَرَقَّ مِنْ الْمُسْتَأْمَنِينَ أَحَدٌ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَهْرَ ظُلْمٌ مِنْ الْقَاهِرِينَ لِلْمَقْهُورِينَ، وَعَلَيْنَا دَفْعُ الظُّلْمِ عَنْ الْمُسْتَأْمَنِينَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي نَدْفَعُ بِهِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ. (أَلَا تَرَى) أَنَّهُمْ بَعْدَ هَذَا الْقَهْرِ وَالِاسْتِعْبَادِ فِي دَارِنَا لَوْ أَسْلَمُوا أَمَرْنَاهُمْ بِتَخْلِيَةِ سَبِيلِ الْمَقْهُورِينَ، وَلَوْ فَعَلُوا ذَلِكَ فِي دَارِهِمْ ثُمَّ أَسْلَمُوا كَانُوا عَبِيدًا لَهُمْ، وَمَنْعَةُ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فِي هَذَا الْحُكْمِ بِمَنْزِلَةِ دَارِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى وُجُوبِ دَفْعِ الظُّلْمِ مَوْجُودٌ فِي الْفَصْلَيْنِ. وَاسْتُدِلَّ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ طَاوُسٍ قَالَ فِي كِتَابِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَنْ اسْتَخْمَرَ قَوْمًا أَوَّلُهُمْ أَحْرَارٌ، أَوْ جِيرَانٌ مُسْتَضْعَفُونَ فَإِنْ كَانَ قَصَرَهُمْ فِي بَيْتِهِ حَتَّى يَدْخُلَ الْإِسْلَامُ بَيْتَهُ فَهُمْ لَهُ عَبِيدٌ، وَمَنْ كَانَ مُهْمِلًا يُعْطِي الْخَرَاجَ فَهُوَ عَتِيقٌ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ اسْتَخْمَرَ اسْتَعْبَدَ، فَبِهَذَا تَبَيَّنَّ أَنَّهُ إذَا تَمَّ قَهْرُهُ إيَّاهُمْ قَبْلَ ظُهُورِ حُكْمِ الْإِسْلَامِ فِي دَارِهِمْ فَهُمْ عَبِيدُهُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَهُمْ أَحْرَارٌ، فَإِنْ كَانَ الْمُوَادِعُونَ خَرَجُوا إلَيْنَا وَمَعَهُمْ مِائَةُ رَأْسٍ لَا يَدْرِي أَمَقْهُورُونَ هُمْ أَمْ غَيْرُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015