وَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى مِائَةِ رَأْسٍ مِنْ رِجَالِهِمْ الْمُرْتَدِّينَ بِأَعْيَانِهِمْ فِي كُلِّ سَنَةٍ لَمْ يُكْرَهُ ذَلِكَ. لِأَنَّهُ لَا رِقَّ عَلَى رِجَالِهِمْ الْمُرْتَدِّينَ بِحَالٍ، وَلَيْسَ فِي هَذَا اشْتِرَاطُ خَرَاجٍ عَلَيْهِمْ فِي الْمُوَادَعَةِ، سَوَاءٌ كَانُوا بِأَعْيَانِهِمْ أَوْ بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمْ.
3404 - وَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ قَاتَلَ قَوْمًا مِنْ الْعَرَبِ مِنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ فَطَلَبُوا إلَيْهِ الْمُوَادَعَةَ فَحَالُ هَؤُلَاءِ فِي حُكْمِ الْمُوَادَعَةِ كَحَالِ الْمُرْتَدِّينَ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا. لِأَنَّهُمْ لَا يُسْتَرَقُّونَ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ إلَّا السَّيْفُ، أَوْ الْإِسْلَامُ، كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الْمُرْتَدِّينَ.
3405 - إلَّا فِي خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ إذَا قَالُوا أَمِّنُونَا عَلَى أَنْ نُعْطِيَكُمْ مِائَةَ رَأْسٍ مِنْ رِجَالِنَا فِي كُلِّ سَنَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُؤَمِّنَهُمْ عَلَى هَذَا، بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّينَ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَأْخُذْ مِائَةَ رَأْسٍ مِنْ رِجَالِهِمْ مِنْ الْعَرَبِ وَلَكِنْ يَأْخُذُ مِائَةَ رَأْسٍ مِنْ أَرِقَّائِهِمْ فَيَضَعُهَا مَوْضِعَ الْخَرَاجِ. وَبِهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ فِي هَذَا اشْتِرَاطُ الْمَالِ عَلَيْهِمْ فِي الْمُوَادَعَةِ فَكَانَ مَكْرُوهًا، وَفِي الْمُرْتَدِّينَ لَا يَتَعَيَّنُ الْمِائَةُ الرَّأْسِ مِنْ رِجَالِ عَبِيدِهِمْ فَلَا يَكُونُ فِيهِ اشْتِرَاطُ الْمَالِ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَبِيدَ مِنْ الْمُرْتَدِّينَ يُقْتَلُونَ كَأَحْرَارِهِمْ إنْ لَمْ يُسْلِمُوا، فَلَا فَائِدَةَ فِي تَعْيِينِ مِائَةِ رَأْسٍ مِنْ عَبِيدِهِمْ، وَعَبِيدِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ لَيْسُوا كَأَحْرَارِهِمْ فِي اسْتِحْقَاقِ الْقَتْلِ، فَإِنَّا إذَا ظَهْرنَا عَلَى عَبِيدِهِمْ لَا نَقْتُلهُمْ