وَإِنْ صَالَحُوهُ عَلَى أَنْ يُؤَدُّوا إلَيْهِ كُلَّ سَنَةٍ مِائَةَ رَأْسٍ مِنْ نِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ فَلَا بَأْسَ بِهَذَا أَيْضًا. لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي نِسَائِهِمْ الْإِجْبَارُ عَلَى الْإِسْلَامِ كَمَا أَنَّ الْحُكْمَ فِي رِجَالِهِمْ الْقَتْلُ إنْ لَمْ يُسْلِمُوا، فَبِهَذَا الصُّلْحِ يُتَوَصَّلُ إلَى إقَامَةِ حُكْمِ الشَّرْعِ فِيهِمْ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الصُّلْحِ اشْتِرَاطُ الْمَالِ عَلَيْهِمْ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرُّءُوسَ الَّتِي نَأْخُذهُمْ فِي كُلِّ سَنَةٍ غَيْرُ مُعَيَّنِينَ، وَبِالْمُوَادَعَةِ صَارُوا آمِنِينَ فَلَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ أَحَدٍ مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ.
3401 - وَلَكِنَّا نُجْبِرُ مَنْ أَخَذْنَا مِنْهُمْ بِحُكْمِ الشَّرْطِ عَلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَسْلَمُوا كَانُوا أَحْرَارًا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا صَالِحُوهُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ كُلَّ سَنَةِ عَلَى مِائَةِ رَأْسٍ بِأَعْيَانِهِمْ فَإِنَّ هَذَا مَكْرُوهٌ.
لِأَنَّ الْأَمَانَ لَا يَتَنَاوَلُ هَؤُلَاءِ الْمُعَيَّنِينَ.
3402 - فَإِذَا أُخِذُوا كَانُوا عَبِيدًا لِلْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ النِّسَاءَ وَالذَّرَارِيَّ مِنْ الْمُرْتَدِّينَ يُسْتَرَقُّونَ بَعْدَ مَا صَارُوا مِنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ، فَاشْتِرَاطُ هَؤُلَاءِ عَلَيْهِمْ فِي الْمُوَادَعَةِ كَاشْتِرَاطِ مَالٍ آخَرَ. وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ، وَلَكِنْ إنْ أُخِذَ لَمْ يُرَدَّ عَلَيْهِمْ، وَكَانَ فَيْئًا فَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ إنْ أُخِذُوا كَانُوا مَمَالِيكَ لِلْمُسْلِمِينَ يُجْبَرُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ.