فَكَانَ فِي تَعْيِينِ مِائَةِ رَأْسٍ مِنْ الْعَبِيدِ فَائِدَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَمُقْتَضَى هَذَا الشَّرْطِ تَمَلُّكُ الْمُسَمَّى عَلَى وَجْهٍ يُسْتَدَامُ الْمِلْكُ فِيهِمْ، وَعَبِيدُهُمْ مَحَلُّ ذَلِكَ دُونَ أَحْرَارِهِمْ.
وَفِي الْكِتَابِ أَشَارَ فِي الْفَرْقِ إلَى حَرْفٍ آخَرَ قَدْ طَوَّلَهُ. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْمُرْتَدَّ رَاجِعٌ عَنْ الْإِسْلَامِ بَعْدَ مَا أَقَرَّ بِهِ فَكَانَ قَتْلُهُ مُسْتَحَقًّا حَدًّا.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ أَوْ رَسُولًا، أَوْ غَيْرَ رَسُولٍ لَمْ نَدَعْهُ يَرْجِعُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَلَكِنْ نَعْرِضُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا قُتِلَ، بِمَنْزِلَةِ مَنْ اسْتَحَقَّ قَتْلَهُ قِصَاصًا إذَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ دَخَلَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ، فَأَمَّا عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ مِنْ الْعَرَبِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَصْلُ الْإِسْلَامِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ مَنْ دَخَلَ مِنْهُمْ إلَيْنَا بِأَمَانٍ رَسُولًا أَوْ غَيْرَ رَسُولٍ مَكَّنَّاهُ مِنْ الرُّجُوعِ إلَى دَارِهِ، فَقَدْ «كَانُوا يَأْتُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بِأَمَانٍ فَيُؤَمِّنُهُمْ وَيَفِي لَهُمْ بِالْأَمَانِ» ، فَعَرَفْنَا أَنَّ قَتْلَهُمْ غَيْرَ مُسْتَحَقٍّ حَدًّا.
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْحُكْمَ فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ مِنْ الْمُرْتَدِّينَ الْجَبْرُ عَلَى الْإِسْلَامِ إذَا اُسْتُرِقُّوا، وَأَنَّ مِنْ تَهَوَّدَ مِنْهُمْ، أَوْ تَنَصَّرَ لَمْ يَحِلَّ لِلْمُسْلِمِينَ أَكْلُ ذَبِيحَتِهِ وَلَا وَطْءُ النِّسَاءِ مِنْهُمْ بَعْدَ الِاسْتِرْقَاقِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، بِخِلَافِ الْعَرَبِ، وَالْحُكْمُ فِي مُشْرِكِي الْعَرَبِ أَنَّ نِسَاءَهُمْ وَصِبْيَانَهُمْ يَكُونُونَ فَيْئًا وَلَا يُجْبَرُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ إذَا اُسْتُرِقُّوا، وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَإِنَّهُ تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُمْ وَيَحِلُّ وَطْءُ نِسَائِهِمْ بِالْمِلْكِ بَعْدَ الِاسْتِرْقَاقِ فَبِهَذَا تَبَيَّنَّ أَنَّ قَتْلَهُمْ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ حَدًّا.
3406 - فَإِذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى مِائَةِ رَأْسٍ مِنْ رِجَالِهِمْ كُلَّ سَنَةٍ قُلْنَا يَنْصَرِفُ ذَلِكَ إلَى مَنْ يَكُونُ مَحَلًّا لِلتَّمَلُّكِ بَعْدَ الْأَمَانِ