لِأَنَّ هَؤُلَاءِ غَيْرُ مُمْتَنِعِينَ، وَأَصْحَابُهُمْ بِصُنْعِ هَؤُلَاءِ غَيْرُ رَاضِينَ.
3372 - فَإِنْ كَانُوا أَهْلَ مَنَعَةٍ فَعَلُوا ذَلِكَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ عَلَانِيَةً بِغَيْرِ أَمْرٍ مِنْ مَلِكِهِمْ وَأَهْلِ مَمْلَكَتِهِ فَهَؤُلَاءِ نَاقِضُونَ لِلْعَهْدِ. لِأَنَّهُ لَيْسَ فَائِدَةُ الْعَهْدِ إلَّا تَرْكُ الْقِتَالِ، فَإِذَا جَاهَرُوا بِالْقِتَالِ مُتَقَرِّرَيْنِ بِمَنْعَتِهِمْ كَانُوا نَاقِضِينَ بِمُبَاشَرَتِهِمْ ضِدَّ مَا هُوَ مُوجِبٌ لِلْمُوَادَعَةِ.
3373 - فَأَمَّا الْمَلِكُ وَأَهْلُ مَمْلَكَتِهِ فَهُمْ عَلَى مُوَادَعَتِهِمْ. لِأَنَّهُمْ مَا بَاشَرُوا سَبَبَ نَقْضِهَا وَلَا رَضُوا بِصَنِيعِ هَؤُلَاءِ فَلَا يُؤْخَذُونَ بِذَنْبِ غَيْرِهِمْ.
3374 - وَإِنْ كَانُوا خَرَجُوا بِإِذْنِ مَلِيكِهِمْ فَقَدْ نَقَضُوا جَمِيعًا الْعَهْدَ، فَلَا بَأْسَ بِقَتْلِهِمْ وَسَبْيِهِمْ حَيْثُمَا وُجِدُوا. لِأَنَّ فِعْلَهُمْ بِإِذْنِ الْمَلِكِ كَفِعْلِ الْمَلِكِ بِنَفْسِهِ. وَأَهْلُ الْمَمْلَكَةِ تَبَعُ الْمَلِكِ فِي الْمُوَادَعَةِ وَالْمُقَاتَلَةِ لِانْقِيَادِهِمْ لَهُ وَرِضَاهُمْ بِكَوْنِهِ رَأْسَهُمْ. فَإِذَا صَارَ هُوَ نَاقِضًا لِلْعَهْدِ صَارَ أَهْلُ الْمَمْلَكَةِ نَاقِضِينَ لِلْعَهْدِ تَبَعًا لَهُ، سَوَاءٌ عَلِمُوا بِمَا صَنَعَ مَلِكُهُمْ، أَوْ لَمْ يَعْلَمُوا، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ إلَى دَارِنَا قَبْلَ إذْنِ مَلِكِهِمْ فِي الَّذِي أَذِنَ فِيهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ قَدْ حَصَلَ آمِنًا فِينَا فَيَبْقَى آمِنًا مَا لَمْ يَعُدْ إلَى مَنْعَتِهِ.
3375 - وَإِنْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ الَّتِي خَرَجَتْ إلَى الْقِتَالِ خَرَجَتْ بِعِلْمِ مَلِكِهِمْ فَلَمْ يَنْهَهُمْ وَلَمْ يُخْبِرْ الْمُسْلِمِينَ بِأَمْرِهِمْ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ.