لِأَنَّهُمْ حَشَمُهُ يَنْقَادُونَ لَهُ، وَالسَّفِيهُ إذَا لَمْ يُنْهَ مَأْمُورٌ، وَلِأَنَّهُ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْمُوَادَعَةِ مَنْعُهُمْ إنْ قَدِرَ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ إخْبَارُ الْمُسْلِمِينَ بِأَمْرِهِمْ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ، فَإِذَا تَرَكَ مَا هُوَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ بِتِلْكَ الْمُوَادَعَةِ كَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ أَمْرِهِ إيَّاهُمْ بِالْقِتَالِ.
3376 - قَالَ: وَلَوْ بَدَا لِلْإِمَامِ بَعْدَ الْمُوَادَعَةِ أَنَّ الْقِتَالَ خَيْرٌ فَبَعَثَ إلَى مَلِكِهِمْ يَنْبِذُ إلَيْهِ فَقَدْ صَارَ ذَلِكَ نَقْضًا. لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ فِي الْحِرْزِ عَنْ الْغَدْرِ فَوْقَ مَا أَتَى بِهِ مِنْ النَّبْذِ إلَى مَلِكِهِمْ وَإِخْبَارِهِ بِأَنَّهُ قَاصِدٌ إلَى قِتَالِهِمْ.
3377 - وَلَكِنْ لَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يُغِيرُوا عَلَيْهِمْ وَلَا عَلَى أَطْرَافِ مَمْلَكَتِهِمْ حَتَّى يَمْضِيَ مِنْ الْوَقْتِ مِقْدَارُ مَا يَبْعَثُ الْمَلِكُ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مَنْ يُنْذِرُهُمْ؛ لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّ مَلِكَهُمْ بَعْدَ مَا وَصَلَ الْخَبَرُ إلَيْهِ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إيصَالِ ذَلِكَ إلَى أَطْرَافِ مَمْلَكَتِهِ إلَّا بِمُدَّةٍ فَلَا يَتِمُّ النَّبْذُ فِي حَقِّهِمْ حَتَّى تَمْضِيَ تِلْكَ الْمُدَّةُ، وَبَعْدَ الْمُضِيِّ لَا بَأْسَ بِالْإِغَارَةِ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الْخَبَرَ أَتَاهُمْ. لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إعْلَامُهُمْ. وَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ إعْلَامُ مَلِكِهِمْ، ثُمَّ عَلَى مَلِكِهِمْ إعْلَامُ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ هُوَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا أَتَوْا مِنْ قِبَلِ مَلِكِهِمْ لَا مِنْ قِبَلِ الْمُسْلِمِينَ.
3378 - وَلَكِنْ إنْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ يَقِينًا أَنَّ الْقَوْمَ لَمْ يَأْتِهِمْ خَبَرٌ فَالْمُسْتَحَبُّ لَهُمْ أَلَّا يُغِيرُوا عَلَيْهِمْ حَتَّى يُعْلِمُوهُمْ.