- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، حِينَ أَحَسَّ بِالْمُسْلِمِينَ ضَعْفًا، وَعِنْدَ الْقُوَّةِ لَا تَجُوزُ هَذِهِ الْمُوَادَعَةُ، فَإِنَّهُ لَمَّا قَالَتْ الْأَنْصَارُ مَا قَالَتْ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُمْ الْقُوَّةَ فَشَقَّ الصَّحِيفَةَ. وَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّ فِيهَا مَعْنَى الِاسْتِذْلَالِ، وَلِأَجْلِهِ كَرِهَتْ الْأَنْصَارُ دَفْعَ بَعْضِ الثِّمَارِ، وَالِاسْتِذْلَالُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَرْضَى بِهِ الْمُسْلِمُونَ إلَّا عِنْدَ تَحَقُّقِ الضَّرُورَةِ
3370 - قَالَ: وَإِذَا وَادَعَ الْإِمَامُ أَهْلَ الْحَرْبِ فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الدَّارِ فَقَطَعَ الطَّرِيقَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَأَخَافَ السَّبِيلَ فَأَخَذَهُ الْمُسْلِمُونَ فَلَيْسَ هَذَا بِنَقْضٍ مِنْهُ لِلْعَهْدِ. لِأَنَّ أَهْلَ تِلْكَ الدَّارِ فِي أَمَانٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِتِلْكَ الْمُوَادَعَةِ. (أَلَا تَرَى) أَنَّ مَنْ دَخَلَ مِنْهُمْ دَارَ الْإِسْلَامِ بِتِلْكَ الْمُوَادَعَةِ كَانَ آمِنًا لَا نَعْرِضُ لَهُ. فَالْمُسْتَأْمَنُ فِي دَارِنَا بِمِثْلِ هَذَا الصَّنِيعِ لَا يَكُونُ نَاقِضًا لِلْعَهْدِ، كَمَا لَا يَكُونُ بِهِ الذِّمِّيُّ نَاقِضًا لِلْعَهْدِ، وَكَمَا لَا يَكُونُ الْمُسْلِمُ بِهِ نَاقِضًا لِأَمَانِهِ، وَهَذَا لَا مَنْعَةَ لَهُ فَلَا يَكُونُ مُجَاهِرًا بِمَا يَصْنَعُ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ نَقْضُ الْعَهْدِ عِنْدَ الْمُجَاهَرَةِ بِالْقِتَالِ.
3371 - وَكَذَلِكَ الْعَدَدُ مِنْهُمْ إذَا فَعَلُوا ذَلِكَ وَلَمْ يَكُونُوا أَهْلَ مَنَعَةٍ فَهَذَا وَالْوَاحِدُ سَوَاءٌ.