وَهُمَا سَيِّدَا الْحَيَّيْنِ فَاسْتَشَارَهُمَا وَقَدْ حَضَرَ عُيَيْنَةُ وَقَالَ: اُكْتُبْ بَيْنَنَا كِتَابًا. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بِصَحِيفَةٍ وَدَوَاةٍ لِيَكْتُبَ بَيْنَهُمْ، فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُوحِيَ إلَيْك فِي هَذَا؟ فَقَالَ: لَا، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ الْعَرَبَ قَدْ رَمَتْكُمْ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ، فَقُلْت: أَرُدُّهُمْ عَنْكُمْ. فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاَللَّهِ إنَّهُمْ كَانُوا لَيَأْكُلُونَ الْعِلْهِزَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ الْجَهْدِ، وَمَا طَمِعُوا مِنَّا قَطُّ أَنْ يَأْخُذُوا ثَمَرَةً إلَّا بُشْرَى، أَوْ قِرًى فَحِينَ أَيَّدَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِك وَأَكْرَمَنَا وَهَدَانَا بِك نُعْطَى الدَّنِيَّةَ؟ ، لَا نُعْطِيهِمْ إلَّا السَّيْفَ. فَشَقَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - الصَّحِيفَةَ وَقَالَ: اذْهَبُوا، لَا نُعْطِيكُمْ إلَّا السَّيْفَ. وَأَقْبَلَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ، وَعُيَيْنَةُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مَادًّا رِجْلَيْهِ. فَقَالَ: يَا عُيَيْنَةُ الهجرس، اقْبِضْ رِجْلَيْك، أَتَمُدُّ رِجْلَيْك بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، وَاَللَّهِ لَوْلَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لَأُنْفِذَنَّ خُصْيَتَيْك بِالرُّمْحِ، مَتَى طَمِعْت هَذَا مِنَّا؟» فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ أَنَّ عِنْدَ الضَّعْفِ لَا بَأْسَ بِهَذِهِ الْمُوَادَعَةِ، فَقَدْ رَغِبَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ،