مِنْ الْأَوْقَاتِ عَلَى أَنْ يَبْنُوا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِلْمُسْلِمِينَ مَسْجِدًا أَجْوَدَ مِمَّا كَانَ مِنْهُ وَأَوْسَعَ، أَكَانَ يَحِلُّ إجَابَتُهُمْ إلَى ذَلِكَ،؟ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ.
3019 - وَلَوْ ظَهَرَ الْإِمَامُ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَعَلَى أَرْضِهِمْ، فَرَأَى أَنْ يَجْعَلَهُمْ ذِمَّةً كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَهْلِ سَوَادِ الْكُوفَةِ فَهُوَ جَائِزٌ مُسْتَقِيمٌ لِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا شَاوَرَ الصَّحَابَةَ - رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ -، وَحَاجَّهُمْ بِدَلَالَةِ النَّصِّ مِنْ الْكِتَابِ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} [الحشر: 10] حَتَّى أَجْمَعُوا عَلَى قَوْلِهِ إلَّا نَفَرًا يَسِيرًا مِنْهُمْ خَالَفُوهُ وَلَمْ يُحْمَدُوا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى دَعَا عَلَيْهِمْ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ: اكْفِنِي بِلَالًا وَأَصْحَابَهُ " فَمَا حَالَ الْحَوْلُ وَمِنْهُمْ عَيْنٌ تَطْرِفُ، ثُمَّ لَا يُمْنَعُونَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ بِنَاءِ بِيعَةٍ: أَوْ كَنِيسَةٍ وَلَا مِنْ إظْهَارِ بَيْعِ الْخُمُورِ وَالْخَنَازِيرِ فِي قُرَاهُمْ وَأَمْصَارِهِمْ.
لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِأَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي تُقَامُ فِيهَا الْحُدُودُ وَالْجُمَعُ.
وَقَدْ قَرَّرْنَا هَذَا فِي الْأَرَاضِيِ الَّتِي وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ يَظْفَرَ بِهِمْ، فَكَذَلِكَ فِي هَذِهِ الْأَرَاضِيِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَوَاضِعَ إقَامَةِ أَعْلَامِ الدِّينِ وَالْإِسْلَامِ، مِنْ الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ وَالْحُدُودِ.
3020 - فَإِنْ مَصَّرَ الْإِمَامُ فِي أَرَاضِيِهِمْ مِصْرًا لِلْمُسْلِمِينَ كَمَا مَصَّرَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْبَصْرَةَ وَالْكُوفَةَ فَاشْتَرَى بِهَا أَهْلُ الذِّمَّةِ دُورًا وَسَكَنُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُمْنَعُوا مِنْ ذَلِكَ.