لِأَنَّ فِنَاءَ الْمِصْرِ كَجَوْفِهِ فِي حُكْمِ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ فِيهِ، عَلَى مَا ذُكِرَ فِي نَوَادِرِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَخَرَجَ مَعَ النَّاسِ إلَى بَعْضِ أَفْنِيَةِ الْمِصْرِ، فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ بِهِمْ، وَهُمْ يُمْنَعُونَ مِنْ إظْهَارِ ذَلِكَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُظْهِرُ الْمُسْلِمُونَ فِيهِ مِثْلَ ذَلِكَ، لَكَيْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى صُورَةِ الْمُعَارَضَةِ، فَعَرَفْنَا أَنَّ فِنَاءَ الْمِصْرِ فِي هَذَا كَجَوْفِ الْمِصْرِ.
3012 - وَكَذَلِكَ ضَرْبَ النَّاقُوسِ لَمْ يُمْنَعُوا مِنْهُ إذَا كَانُوا يَضْرِبُونَهُ فِي جَوْفِ كَنَائِسِهِمْ الْقَدِيمَةِ، فَإِنْ أَرَادُوا الضَّرْبَ بِهَا خَارِجًا فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يُتْرَكُوا لِيَفْعَلُوا ذَلِكَ، لِمَا فِيهِ مِنْ مُعَارَضَةِ أَذَانِ الْمُسْلِمِينَ فِي الصُّورَةِ، فَأَمَّا كُلُّ قَرْيَةٍ أَوْ مَوْضِعٍ لَيْسَ بِمِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ مِنْ إحْدَاثِ جَمِيعِ ذَلِكَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ فِيهَا عَدَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ نُزُولٌ.
لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمَوْضِعِ إعْلَامِ الدِّينِ مِنْ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ وَالْأَعْيَادِ فِيهِ وَكَثِيرٌ مِنْ أَئِمَّةِ بَلْخِي رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا: إنَّمَا أَجَابُوا بِهَذَا هَا هُنَا وَفِي الْمَبْسُوطِ بُنِيَ عَلَى حَالِ قُرَاهُمْ بِالْكُوفَةِ، فَإِنَّ عَامَّةَ مَنْ يَسْكُنُهَا أَهْلُ الذِّمَّةِ وَالرَّوَافِضُ فَأَمَّا فِي دِيَارِنَا فَهُمْ يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ فِي الْقُرَى، كَمَا يُمْنَعُونَ مِنْهُ فِي الْأَمْصَارِ؛ لِأَنَّهَا مَوْضِعُ جَمَاعَاتِ الْمُسْلِمِينَ، وَجُلُوسِ الْوَاعِظِينَ وَالْمُدَرِّسِينَ بِمَنْزِلَةِ الْأَمْصَارِ، وَاسْتَدَلُّوا بِلَفْظٍ ذَكَرَهُ هُنَا فَقَالَ.
3013 - فَأَمَّا الْمِصْرُ الَّذِي الْغَالِبُ عَلَيْهِ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِثْلُ الْحِيرَةِ وَغَيْرِهَا لَيْسَتْ فِيهَا جُمُعَةٌ وَلَا حُدُودٌ تُقَامُ، فَإِنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ مِنْ إحْدَاثِ ذَلِكَ فِيهَا.