مِنْ الْحَالِ، وَهُوَ تَصْيِيرُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِصْرًا لِلْمُسْلِمِينَ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَرَادُوا الْإِحْدَاثَ وَهُوَ نَظِيرُ حُكْمٍ فِي حَادِثَةٍ أَمْضَاهُ الْقَاضِي بِاجْتِهَادٍ، ثُمَّ تَحَوَّلَ رَأْيُهُ، فَإِنَّهُ لَا يَنْقُضُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ يَبْنِي مِثْلَ تِلْكَ الْحَادِثَةِ فِي الْمُسْتَقْبِلِ عَلَى مَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ الرَّأْيِ فِيهِ.
3010 - وَكَذَلِكَ إنْ كَانُوا يَبِيعُونَ الْخُمُورَ وَالْخَنَازِيرَ عَلَانِيَةً فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَإِنَّهُمْ يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ، بَعْدَ مَا صَارَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِصْرًا.
لِأَنَّ هَذَا تَصَرُّفٌ يُنْشِئُونَهُ وَقَدْ بَيَّنَّا فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ يُمْنَعُونَ مِنْ إظْهَارِ بَيْعِ الْخُمُورِ وَالْخَنَازِيرِ فِي أَمْصَار الْمُسْلِمِينَ، وَمِنْ إدْخَالِ ذَلِكَ فِي الْأَمْصَارِ عَلَى وَجْهِ الشُّهْرَةِ وَالظُّهُورِ.
هَكَذَا نُقِلَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: وَلِأَنَّ هَذَا فِسْقٌ، وَفِي إظْهَارِ الْفِسْقِ فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ اسْتِخْفَافٌ بِالدِّينِ، وَمَا صَالَحْنَاهُمْ عَلَى أَنْ يَسْتَخِفُّوا بِالْمُسْلِمِينَ.
3011 - وَكَذَلِكَ إنْ حَضَرَ لَهُمْ عِيدٌ يُخْرِجُونَ فِيهِ صَلِيبَهُمْ فَلْيَفْعَلُوا ذَلِكَ فِي كَنَائِسِهِمْ الْقَدِيمَةِ، فَأَمَّا أَنْ يُخْرِجُوا ذَلِكَ مِنْ الْكَنَائِسِ حَتَّى يُظْهِرُوهُ فِي الْمِصْرِ فَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ، لِمَا فِيهِ مِنْ الِاسْتِخْفَافِ بِالْمُسْلِمِينَ، وَلَكِنْ لِيُخْرِجُوهُ خَفِيًّا مِنْ كَنَائِسِهِمْ حَتَّى إذَا أَخْرَجُوهُ مِنْ الْمِصْرِ إلَى غَيْرِ الْمِصْرِ فَلْيَصْنَعُوا مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبُّوا، يَعْنِي إذَا جَاوَزُوا أَفَنِيَّةَ الْمِصْرِ.