لِأَنَّ السَّكْرَانَ فِي الْحُكْمِ كَالصَّاحِي، بِدَلِيلِ سَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ، وَهُوَ بِسُكْرِهِ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُحَارِبًا لِلْمُسْلِمِينَ، فَلَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ.
- وَإِذَا دَخَلَ الْمُسْلِمُونَ مَدِينَةً مِنْ مَدَائِنِ الْمُشْرِكِينَ عَنْوَةً فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْتُلُوا مَنْ لَقُوا مِنْ رِجَالِهِمْ. لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْمُقَاتَلَةِ مِنْهُمْ، فَمَنْ وَجَدُوهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُقَاتِلٌ، وَإِنَّمَا يُبْنَى الْحُكْمُ عَلَى الظَّاهِرِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ. - إلَّا أَنْ يَرَوْا رَجُلًا عَلَيْهِ سِيمَاءُ الْمُسْلِمِينَ أَوْ سِيمَاءُ أَهْلِ الذِّمَّةِ لِلْمُسْلِمِينَ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَثَبَّتُوا فِي أَمْرِهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ حَالُهُ. لِأَنَّ تَحْكِيمَ السِّيمَاءِ أَصْلٌ فِيمَا لَا يُوقَفُ عَلَى حَقِيقَتِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ} [الفتح: 29] . وَقَالَ تَعَالَى: {تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ} [البقرة: 273] . وَقَالَ تَعَالَى: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ} [الرحمن: 41] . الْآيَةَ، وَمَتَى وَقَعَ الْغَلَطُ فِي الْقَتْلِ لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ، وَلَيْسَ فِي تَأْخِيرِهِ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ الْأَمْرَ تَفْوِيتُ شَيْءٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَلِهَذَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَتَثَبَّتُوا فِي أَمْرِهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ حَالُهُ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ السِّيمَاءَ فِي كَوْنِهِ مُحْتَمِلًا لَا يَكُونُ دُونَ خَبَرِ الْفَاسِقِ، وَقَدْ أُمِرْنَا بِالتَّثَبُّتِ هُنَاكَ، فَهَا هُنَا أَوْلَى.