قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَكَانَ مَجْلِسُ عُمَرَ مُغْتَصًّا مِنَ الْقُرَّاءِ، شَبَابًا كَانُوا أَوْ كُهُولا، فَرُبَّمَا اسْتَشَارَهُمْ، فَيَقُولُ: «لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدُكُمْ أَنْ يُشِيرَ بِرَأْيِهِ فَإِنَّ الْعِلْمَ لَيْسَ عَلَى قِدَمِ السِّنِّ، وَلا عَلَى حَدَاثَتِهِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَضَعُهُ حَيْثُ يَشَاءُ».
وَقَالَ مُزَاحِمُ بْنُ زُفَرَ: قَالَ لَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: " خَمْسٌ إِذَا أَخْطَأَ الْقَاضِي مِنْهُنَّ خَصْلَةً، كَانَتْ فِيهِ وَصْمَةٌ: أَنْ يَكُونَ فَهِمًا، حَلِيمًا، عَفِيفًا، صَلِيبًا، عَالِمًا، سَئُولا عَنِ الْعِلْمِ ".
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الْمُجْتَهِدِ أَنْ يَتَقَلَّدَ الْقَضَاءَ، وَلا يَجُوزُ لِلإِمَامِ تَوْلِيَتُهُ.
وَالْمُجْتَهِدُ مَنْ جَمَعَ خَمْسَةَ أَنْوَاعٍ مِنَ الْعِلْمِ: عِلْمَ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَعِلْمَ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَقَاوِيلَ عُلَمَاءِ السَّلَفِ مِنْ إِجْمَاعِهِمْ وَاخْتِلافِهِمْ، وَعِلْمَ اللُّغَةِ، وَعِلْمَ الْقِيَاسِ، وَهُوَ طَرِيقُ اسْتِنْبَاطِ الْحُكْمِ عَنِ الْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ إِذَا لَمْ يَجِدْهُ صَرِيحًا فِي نَصِّ كِتَابٍ، أَوْ سُنَّةٍ، أَوْ إِجْمَاعٍ.