قَالَ الْحَسَنُ: إِنْ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مُشَاوَرَتِهِمْ لَغَنِيًّا، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَسْتَنَّ بِذَلِكَ الْحُكَّامُ بَعْدَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: وَالْمُشَاوَرَةُ قَبْلَ الْعَزْمِ وَالتَّبَيُّنِ، لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمرَان: 159]، فَإِذَا عَزَمَ الرَّسُولُ لَمْ يَكُنْ لِبَشَرٍ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ.
وَشَاوَرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ فِي الْمَقَامِ وَالْخُرُوجِ، فَرَأَوْا لَهُ الْخُرُوجَ، فَلَمَّا لَبِسَ لأَمَتَهُ وَعَزَمَ، قَالُوا: أَقِمْ، فَلَمْ يَمِلْ إِلَيْهِمْ بَعْدَ الْعَزْمِ، وَقَالَ: «لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ يَلْبَسُ لأمَتَهُ، فَيَضَعَهَا حتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ».
وَكَانَتِ الأَئِمَّةُ يَسْتَشِيرُونَ الأُمَنَاءَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الأُمُورِ الْمُبَاحَةِ لِيَأْخُذُوا بِأَسْهَلِهَا، فَإِذَا وَضَحَ الْكِتَابُ، أَوِ السُّنَّةُ، لَمْ يَتَعَدَّوْهُ إِلَى غَيْرِهِ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.