فَيَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ مَنْ عِلْمِ الْكِتَابِ النَّاسِخَ، وَالْمَنْسُوخَ، وَالْمُجْمَلَ، وَالْمُفَسَّرَ، وَالْخَاصَّ، وَالْعَامَ، وَالْمُحْكَمَ، وَالْمُتَشَابِهَ، وَالْكَرَاهِيَةَ، وَالتَّحْرِيمَ، وَالإِبَاحَةَ، وَالنَّدْبَ.
وَيَعْرِفَ مِنَ السُّنَّةِ هَذِهِ الأَشْيَاءَ، وَيَعْرِفَ مِنْهَا الصَّحِيحَ، وَالضَّعِيفَ، وَالْمُسْنَدَ، وَالْمُرْسَلَ، وَيَعْرِفَ تَرْتِيبَ السُّنَّةِ عَلَى الْكِتَابِ، وَتَرْتِيبَ الْكِتَابِ عَلَى السُّنَّةِ حَتَّى إِذَا وَجَدَ حَدِيثًا لَا يُوَافِقُ ظَاهِرُهُ الْكِتَابَ يَهْتَدِي إِلَى وَجْهِ مَحْمَلِهِ، فَإِنَّ السُّنَّةَ بَيَانُ الْكِتَابِ، وَلا تُخَالِفُهُ، وَإِنَّمَا يَجِبُ مَعْرِفَةُ مَا وَرَدَ مِنْهَا فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ دُونَ مَا عَدَاهَا مِنَ الْقَصَصِ وَالأَخْبَارِ وَالْمَوَاعِظِ.
وَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَعْرِفَ مِنْ عِلْمِ اللُّغَةِ مَا أَتَى فِي كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ فِي أُمُورِ الأَحْكَامِ دُونَ الإِحَاطَةِ بِجَمِيعِ لُغَاتِ الْعَرَبِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَخَرَّجَ فِيهَا بِحَيْثُ يَقِفُ عَلَى مَرَامِزِ كَلامِ الْعَرَبِ فِيمَا يَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ مِنَ اخْتِلافِ الْمَحَالِ، وَالأَحْوَالِ، لأَنَّ الْخِطَابَ وَرَدَ بِلِسَانِ الْعَرَبِ، فَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ لَا يَقِفُ عَلَى مُرَادِ الشَّرْعِ.
وَيَعْرِفَ أَقَاوِيلَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي الأَحْكَامِ، وَمُعْظَمَ فَتَاوَى فُقَهَاءِ الأُمَّةِ حَتَّى يَقَعَ حُكْمُهُ مُخَالِفًا لأَقْوَالِهِمْ، فَيَكُونُ فِيهِ خَرْقُ الإِجْمَاعِ، وَإِذَا عَرَفَ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ هَذِهِ الأَنْوَاعِ مُعْظَمَهُ، فَهُوَ مُجْتَهِدٌ، وَلا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ جَمِيعِهَا بِحَيْثُ لَا يَشِذُّ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْهَا، وَإِذَا لَمْ يَعْرِفْ نَوْعًا مِنْ هَذِهِ