وأما (الفناء) في اصطلاح الصوفية فكما قاله الجرجاني الحنفي (816هـ) :

"الفناء: سقوط الأوصاف المذمومة، كما أن البقاء وجود الأوصاف المحمودة، والفناء فناءان: أحدهما: ما ذكرنا، وهو بكثرة الرياضة.

والثاني: عدم الإحساس بعالم الملكوت، وهو بالاستغراق في عظمة الباري، ومشاهدة الحق"1.

أقول: فناء الصوفية هذيان وإلحاد وزندقة وانحلال؛ لأن سقوط الأوصاف المذمومة ووجود الأوصاف المحمودة، لا يمكن إلا بتقوى الله تعالى واجتناب نواهيه، وإيثار أوامره، وعبادته سبحانه وتعالى، وإتباع سنة نبيه محمَّد صلى الله عليه وسلم مع الإخلاص التام؛ فمثل هذا يسمى تقوى وإسلاماً، وإيماناً وصلاحاً، ورشداً، وتوحيداً، ولا يسمى فناءً.

وأما قولهم في معنى (الفناء) : "إنه عدم الإحساس بالكون، ومشاهدة الحق" فهذا انحلال وكفر صريح وارتداد قبيح؛ لأن هذه عقيدة وحدة الوجود، فأصحاب وحدة الوجود، لا يرون شيئاً من هذا الكون؛ بل يعتقدون: أن الكون والجبال والسماء والأرض والجبال والشجر والمداد والبحر والناكح والمنكوح كل هذا هو الله بعينه، وأنهم يشاهدون الحق ويرون الله تعالى ولا يرون شيئاً آخر من الكون؛ فكل مايرونه من الكلب والخنزير والقرد وغيرها، فهو الله عندهم، فهم لا يرون ـ حسب زعمهم إلا الله2.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015