والفناء على ثلاثة أقسام:

1ـ ديني شرعي وهوالفناء عن إرادة السوى: أي عن إرادة ما سوى الله عز وجل بحيث يفنى بالإخلاص لله عن الشرك، وبشرعيته عن البدعة، وبطاعته عن معصيته، وبالتوكل عليه عن التعلق بغيره، وبمراد ربه عن مراد نفسه، إلى غير ذلك مما يشتغل به عن مرضاة الله عما سواه.

وحقيقة: انشغال العبد بما يقربه إلى الله عز وجل عما لا يقربه إليه وإن سُمَّي فناء في اصطلاحهم.

2ـ فناء صوفي بدعي وهو ما يذكره بعض الصوفية؛ أن يفنى عن شهود ما سوى الله، فيفنى بمعبوده وهو الله عن عبادته، أي ينشغل بالله إلى حدِّ يترك فيه عبادته، ويفنى بمذكوره أي الله عن ذكره، وبمعروفه أي الله عن معرفته لنفسه؛ بحيث يغيب عن شعوره بنفسه وبما سوى الله، وهذا حال ناقص كما مر، وقد يعرض لبعض السالكين لكنه ليس من لوازم طريق الله، لذلك لم يعرض للنبي صلى الله عليه وسلم ولا للسابقين الأولين، ومن جعله نهاية السالكين فهو ضالٌّ ضلالاً مبيناً، ومن جعله من لوازم الطريق فهو مخطئ كما ذكره أبو إسماعيل الأنصاري في كتابه منازل السائرين.

وهذا النوع هو: الفناء عن شهود السوى: أي لا يشهد ولا يعرف إلا الله.

وخلاصة وجوه النقص في هذا النوع من الفناء ما يلي:

أـ أنه لم يقع للنبي صلى الله عليه وسلم حتى في أعظم المواقف وهو موقف الإسراء والمعراج، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم من آيات ربه الكبرى، فكان غاية في الثبات ظاهراً وباطناً، أما ظاهراً فكما قال تعالى: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} [النجم: 17] ، وأما باطناً فقال: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأى} [النجم:11] .

وكذلك لم يقع هذا الفناء لخيرة خلقه بعد الرسل وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم1.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015