شرح الرساله (صفحة 580)

وإذا كان كذلك سقط التعلق به.

واعتلوا فقالوا: لأنها عبادة يتعلق أداؤها بقطع مسافة شاقة؛ فوجب أن تكون الراحلة مسافة شاقة؛ فوجب أن تكون الراحلة شرطًا في وجوبها كالجهاد.

فالجواب: أن هذا الوصف لا يجوز أن يطلق في الحج؛ لأنه يوجد في بعض من يلزمه دون بعض.

على أن من قدر أن يجاهد ببدنه من غير راحلة تبلغه وتعين عليه لو وجد راحلة وكان من عادته المشي فإنه يلزمه.

فسقط ما قالوه.

واعتلوا أيضًا بأن قالوا: لأنه عاجز عما تقطع به المسافة الشاقة غالبًا؛ فلم يلزمه فرض الحج كالعاجز عن المشي والعادم للزاد وليس من عادته السؤال.

وهذا لا نسلمه؛ لأنه غير عاجز عندنا عما يقطع به المسافة إذا كان قادرًا على المشي. ونعكسه فنقول: لأنه قادر على قطع المسافة الشاقة فجاز أن يلزمه فرض الحج كالواجد للراحلة.

واستدلوا بأنه لما يلزمه أن يكرى نفسه ليتوصل إلى الحج للمشقة التي تلحقه؛ كذلك في المشي.

فالجواب أنا قد بينا أن القادر على المشي لا تلحقه مشقة إلا كمثل التي تلحق من لم تجر عادته بالركوب في النضابة له وتكلفه إياه.

على أنه إذ كانت عادته المسألة أو الخدمة لزمه الحج مع هذه الأمور.

وبالله التوفيق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015