شرح الرساله (صفحة 579)

قوله عز وجل: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً {قام رجل فقال: ما السبيل؟ فدل على أنه سأل عن السبيل الذي ورد به القرآن. قلنا: إنه ليست يكفى في الدلالة على أن السؤال عن الشيء [] أن السؤال عقيب تزوله؛ لأن سؤال السائل عقيب نزول الآية يحتمل أن يكون سؤالاً عنها، ويحتمل أن يكون سؤالاً عن حال تكليفه والأمر الذي يتعلق به منها، فكون السؤال متعقبًا للآية لا ينبئ عن وجه وقوعه.

على أنه لو قيل: حمل السؤال على هذا أولى لم يكن بعيدًا؛ وذلك أن الظاهر من سؤال السائلين للنبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم يسألونه عن أمر أنفسهم؛ وعلى ذلك يجرى أمر الوفود وغيرهم.

فإن تجاوز أحدهم ذلك لم يكن بد من أن يبين ف لفظه، أو يكون السائل من أهل العلم من الصحابة فمن قد عرف بذلك.

فأما الخبر الأخير الذي رووه فإنه ضعيف أيضًا؛ لأنه رواه هلال بن بعد الله مولى ربيعة، وهو ضعيف؛ ذكر أبو بكر بن الجهم أنه سأل إبراهيم الحربي عنه فضعفه جدًا.

على أنه لو صح لم تكن فيه دلالة من قبيل أنه لا يدل على أكثر من أن تكون الراحلة استطاعة تلحق الوعيد بترك الحج معها. وليس في ذلك نفى لكون غيرها استطاعة كما لم ينف ذلك عن أهل الحرم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015