فصل
فأما الاستطاعة المعتبرة في وجوب الحج فقد اختلف الناس فيها؛ فعندنا أن الاعتبار فيها بحال المستطيع؛ فإن كان ممن يمكنه الوصول إلى البيت ببدنه مع عدم الراحلة لزم ذلك، وإن كان ممن لا يمكنه إلا براحلة وإن كان يقوى على المشي ولا مال له وليس من عادته المسألة لم يلزمه. وإن كانت المسألة عادته لزمه الحج.
وجملته أن الاستطاعة: القوة والصحة والتمكن. ورويت هذه الجملة عن عبد الله بن الزبير وأبى جعفر والضحال وعكرمة.
وليس يحفظ عنهم التفصيل الذي ذكرناه.
وقال أهل العراق والشافعي: الاستطاعة: الزاد والراحلة، فمن عدمها أو أحدهما لم يلزمه فرض الحج.
والدلالة على صحة قولنا: قوله تعالى:} ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً {.
فأوجب الحج على من حصل مستطيعًا له.
والاستطاعة: صفة المستطيع بها يكون مستطيعًا؛ وذلك يقتضى أن يكون معنى قائمًا به، وليست ذلك إلا ما قلناه.
وأيضًا فإنه ألزم مستطيع الحج أن يحج، ولم يفرق بين أن يكون