من حاله، والغدر متكررًا منه.
فأما ما لم يحصل ذلك منه فتجويره لا يستطيع الحج إن كان بإزائه ما ذكرناه من الثقة بالعادة.
وليست ذلك بأكثر من الكفار الذين أمر الله تعالى أن تبذل لهم الأموال ليستعين بهم المسلمون مع العلم أن ذلك لا يؤمن منهم.
وأما قوله: إذا استجاز إباحة ما لا يستحقه على سبيل الجور جاز أن يغدر بهم وبخفر الأمانة: فليس بصحيح أيضًا؛ لأن العادة تؤثر في هذا الباب تأثيرًا يقع العالم بحاله معه أو غلبة الظن القائمة مقام العلم، فقد يكون ممن له غرض [ق/ 129] في هذا المقدار فقط، وذلك نعلمه بتكرر الخروج معه ومر الأوقات؛ فيسقط ما قالوه.
وأيضًا ما ذكره يبطل ما اتفقت عله من جواز استنجاز الإنسان من يخفره من الأعراب واللصوص، فإن كان جائزًا أن يخفر الأمانة ويسلمه إلى عدوه، فلو أثر ما قاله في سقوط الوجوب لأثر في جواز الفعل. ولا نعلم ذلك، قولاً واحدًا.
فأما تعلقه بقوله تعالى:} ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل {فغير صحيح؛ لأن هذا له مذموم؛ وهو النهي عن القمار والغرر وما أشبه ذلك، وما تنازعناه فليس من هذا في شيء؛ لأنا قد بينا أن العادة إذا جرت بالوفاء مع القدر الذي يطلبه حصلت الثقة بذلك.
والله أعلم.