شرح الرساله (صفحة 539)

فإن كان ممن يخص نفسه بقوت أعلى منه استحب له أن يخرج الزكاة مما يقتاته، فإن أخرج قوت أهل البلد أجزأه.

وإن كان يقتات دون قوت أهل البلد، وهو قادر على قوت أهل البلد لزمه إخراج ما يقتاته غالب الناس، ولم يجزئه إخراج ما يأكله هو.

وزعم عبد الملك بن حبيب أن هذا في غير التمر والحنطة والشعير، فأما في هذه الثلاثة الأشياء فإنه مخير يخرج.

فحصل من هذا أنه إذا كان غالب قوت أهل البلد الحنطة فأخرج هو شعير أنه لا يجزئه.

وللشافعي قولان:

أحدهما مثل قولنا.

والآخر مثل قول ابن حبيب.

والدلالة على ما قلنا: قوله صلى الله عليه وسلم: "أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم". والطلب إنما هو للقوت، فإذا أعطاهم الشعير وقوتهم الحنطة فلم يغنهم عن الطلب.

ولأنه لما كان عليه إذا كان يقتات أعلى من قوتهم أن يخرج من قوتهم الغالب، ولا يلزمه أن يخرج مما يقتاته؛ كذلك إذا كان يقتات دونه فالواجب أن يخرج من غالب أقواتهم.

ووجه قول ابن حبيب قوله صلى الله عليه وسلم: "صاعًا من تمر أو شعير"، وذلك يفيد التخيير بين هذه الأشياء؛ فمن أيها أخرج أجزأه.

والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015