أو لأنه مال يحتمل التجزئة والتبعيض؛ فأشبه الحبوب والثمار.
فأما حديث معاذ: فقد تكلم الناس في روايته وقالوا: إنه من رواية المنهال بن الجرح؛ وهو متروك الحديث، وأن عبادة لم يسمع من معاذ. على أن الخبر لا دلالة فيه على ألا شيء فيما دون الأربعين الزائدة، وإنما يدل على أن معاذا لم يأمر بأخذه. وذلك يحتمل أن يكون لكونه عفوا، ويحتمل أن يكون لأن معاذا لم يولي ذلك، لا لأنه لا زكاة فيها.
وأيضا فإنا نحمله على أنه أراد ألا يأخذ منه درهما حتى يكون أربعين، بدلالة ما ذكرناه. وما رواه من حديث عمرو بن حزم: "ليس فيما دون أربعين صدقة". فليس بثابت عن أصحاب الحديث.
على أنه لو صح لكان معناه: صدقة هي أربعة دنانير. وما رووه من حديث علي- رضوان الله عليه فقد ذكرناه فيه زيادة؛ وهي قوله: "فما زاد فبحساب ذلك"، ويؤيده أن هذا مذهب علي- رضوان الله عليه- وهو راوي الحديث.
وقياسهم ينتقض- على أصلنا- بزكاة الحبوب والثمار؛ لأن لها نصابا في الابتداء، ولا عفو فيها بعد ذلك.
وأيضا فإن المواشي تفارق الذهب والفضة؛ لأن في إيجاب ذلك في الوقص ما أوجبنا في النصاب إجحاف برب المال، وفي إيجاب الجزء إضرار [] (1)
-----------------
(1) كلمة لم أتبينها بالأصل وتشبه [النسو].