شرح الرساله (صفحة 349)

ومعاذ بن جبل حين بعثهما النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن يعلمان الناس أمر دينهم ألا يأخذوا الصدقة إلا من هذه الأربعة: الشعير والحنطة والزبيب والتمر.

وقال معاذ: فأما البطيخ والقثاء والخضروات معفو عفا الله عنه.

قالت عائشة رضي الله عنها: جرت السنة ألا زكاة في الخضروات.

وأيضا فقد كانت هذه الخضروات موجودة في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه فلم يأخذ منها شيئا، ولا أحد من الخلفاء بعده.

فإن قيل: يجب أن ينقلوا أنه لم يأخذ، ولم يكتفوا بأنه لم ينقل أنه أخذ؛ لأنه قد يفعل أشياء لا تنقل قيل له: القدر الذي ذكرناه كاف؛ لأن الزكاة أصل من أصول الدين، وركن من أركان الإسلام، والعادة قد جرت بنقل ما يأخذه عليه السلام من الزكوات وما يظهر من قول أو فعل في ذلك.

ألا ترى أنهم قد نقلوا أخذ الزكاة من الذهب والحنطة والتمر وغير ذلك، فلما لم يره نقل عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الخلفاء بعده أنه أخذ من الخضروات شيئا؛ علمنا بذلك أنه لم يأخذ منها شيئا.

ولأنه نبت لا يقتات؛ فأشبه الحشيش والقصب والحطب.

ولأنه جنس من المال لا يعتبر النصاب في ابتدائه؛ فلم يجب فيه عشر.

أصله: الحطب.

وتفرض المسألة في العدد اليسير من التفاح والقثاء؛ كالثلاثة والأربعة؛ فتقول: لأنه أضعف عن احتمال المواساة.

فأما قوله تعالى: {وآتوا حقه يوم حصاده} فعام يخصه ما ذكرناه.

وقوله: {وآتوا حقه يوم حصاده} لا دلالة فيه؛ لأنه لا يتناول ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015