والمطلق البائن في مرض المخوف وهو متهم بقصد حرمانها من الميراث فيها خلاف بين الأئمة الأربعة، يعني طلَّق زوجته في مرض الموت يعني خلاص حس بالموت قال: ما أبغاها تأخذ شيء. يحرمها فطلقها طلاقًا بائنًا، حينئذٍ وقع النزاع بين أهل العلم، لماذا؟ لأنه قصد بهذا الطلاق حرمانها من الإرث، فلما انتفت هذه التهمة في النوع السابق قالوا: لا ترث وفاقًا. فهذه فيها خلافٌ بين أهل العلم، والمذهب عند الحنابلة، قد ذكرنا أننا نذكر مذهب الحنابلة فحسب، ومذهب الحنابلة أنها ترث سواء تُوفِّيَ في العدة أو بعدها، ترثُ مطلقًا ولو خرجت عدتها هذا مذهب الحنابلة، لماذا؟ معاملةً له بنقيض قصده، ولذلك لو طلقها وماتت هي قبله ما يرثها، لماذا؟ لأنها بانت منه، يعني هذا الأمر منه جعله على نصفين صنف نعتبره ونصف نلغيه، نلغيه باعتبارها هي فطلاقه مردود وترث منه، وهو إذا ماتت قبلها بعد طلاقها لا يرث منها لأنها بانت منه. ومذهبنا أنها ترث سواءٌ تُوفي في العدة أو بعدها ما لم تتزوج بآخر أو ترتد، لأنها إذا تزوجت بآخر امتنع أن ترث من زوجين، الزوج الأول والزوج الثاني، المرأة ليس لها زوجان زوجٌ واحد إما هذا وإما ذاك، فحينئذٍ إذا تزوجت خرجت من عهدة الأول بالكلية فلا ترثه البتة، كذلك إذا ارتدت وُجد مانع وهو اختلاف الدين، لأن سبب توريثها فراره من ميراثها، وهذا المعنى لا يزول بانقضاء العدة معاملة له بنقيض قصده، وأما هو فلا يرثها لو ماتت بسبب البينونة منه، إذًا النظر يكون في الإرث وعدمه لا في الطلاق، وأما البينونة فهي واقعة، وأما الإرث فهي ترث منه سواءٌ تُوفي عنها في عدتها أم لا، معاملة له بنقيض قصده. حينئذٍ نقول: إذا طلقها في مرض موته المخوف متهمًا بقصد حرمانها فترثه على المذهب ما لم تتزوج أو ترتد، فإن ارتدت أو تزوجت سقط إرثها سواءٌ عادت إلى الإسلام أو لا، وسواءٌ فارقها الزوج الثاني أم لا مطلقًا، وقد تكون التهمة من الزوجة، التهمة من الزوج واضحة، لو طلبت منه أن يطلقها طلاقًا رجعيًا فطلقها طلاقً بائنًا، قالوا: هذه قرينة تدل على أنه قصد حرمانها أو غير ذلك مما تكون من ما يختلف باختلاف الأشخاص، وأما التهمة من الزوجة قد هي التي تُتَّهم بأنها أرادت ألا يرثها زوجها، مثلوا لها بصورة خيالية قد توجد الله أعلم: كأن تفعل الزوجة في مرض موتها المخوف ما يفسخ نكاحًا، يعني ترتكب شيء يفسخ النكاح ماذا تفعل؟ ترضعه فإذا أرضعته صارت أمه انفسخ النكاح.