ما قدر المضاف، كلٌّ من الأسباب، نقول: لا، كلُّ سببٍ من الأسباب الثلاثة (يُفِيْدُ رَبَّهُ) يعني صاحبه (يُفِيْدُ) يقال: فادت لفلان فائدة فَيْدًا حصلت، فادت لفلان فائدة فيدًا يعني مصدر حصلت، وأفاد فلان علمًا أو مالاً أكتسبه، والفائدة من حيث هي ما يستفاد من علم أو عمل أو مال أو غيره كالجاه مثلاً، ويعتبر فائدة، الفائدة لفظٌ عام جنس يدخل تحته أنواع من ما يكتسب، (كُلٌّ يُفِيْدُ) أي كل واحدٍ أو كل سبب من الأسباب الثلاثة يفيدُ يعني يحصلُ لصاحبه المتصف به الوراثة، والوراثة هنا مصدر كما سبق أن ورث الشيء وراثة وميراثًا وإرثًا مصادر، فالميراث في قوله: (أَسْبَابُ مِيْرَاثِ الْوَرَى ثَلاَثَةْ) مصدر، وكذلك (يُفِيْدُ رَبَّهُ الْوِرَاثَةْ) كذلك مصدر ويراد به الإرث، يراد به ما يراد المصدر الأول (كُلٌّ يُفِيْدُ رَبَّهُ)، (رَبَّهُ) الضمير هنا يعود على السبب، يعني رب السبب، ومراده به المتصف به، من اتصف بالنكاح عقد الزوجية الصحيح الزوج أو الزوجة، من اتصف بالولاء، من اتصف بالنسب، فالمراد بالرب وإن كان الأصل فيه بمعنى الصاحب إلا أن صاحب الشيء قد لا يتصف بالشيء، صاحب الدار تكون الدار صفة له، لا تكون الدار حالّةً فيه هو قائمٌ بالدار، لا، لا يكون كذلك، وإنما كنى هنا عن المتصف بالشيء بلفظ الرب، وإن كان الأصل في الرب بمعنى الصاحب، إذًا كلٌّ كل سبب من هذه الأسباب الثلاثة المتفق عليها يفيد ويحصل ربه يعني رب السبب المتصف بالسبب الوراثة يعني الإرث، حينئذٍ لا إرث إلا بواحدٍ من هذه الأسباب الثلاثة، إما نكاح، وإما ولاء، وإما نسب، (كُلٌّ يُفِيْدُ) قال الشارح هنا: كلٌ من الأسباب الثلاثة يفيدُ ربه أي صاحبه، والمراد المتصف به. الوراثة أي الإرث كالزوجين مثلاً الزوجين، لأن كل واحد يرث من الآخر ما لم يمنع منه مانع، زوج يرث من زوجته، والزوجة ترثُ من زوجها، لماذا ورث الزوج من زوجته؟ لقيام واتصاف هذا الزوج بسبب من أسباب الإرث وهو الزوجية نكاح، لماذا ترث الزوجة زوجها؟ لقيامها واتصافها بسبب من أسباب الإرث الشرعي وهو النكاح، لأن كل واحد يرث من الآخر ما لم يمنع مانع كالقتل ونحوه، وكذا الإرث بالقرابة، أما الولاء فالعتيق لا يرث من المعتق، يعني: السيد لو مات وترك عبدًا هل يرثه العبد؟ لا، لا يرثه، لو مات العبد وترك سيدًا هل يرثُهُ؟ نعم، يرثه بالولاء، إذًا ليس من الجانبين بخلاف النكاح والقرابة، قد يكون القرابة من الجانبين، تارة يكون من الجانبين وتارة يكون من جانب واحد، والنكاح يكون من جانبين، وأما الولاء لا يكون إلا من جانب واحد، فعليه كلّ في كلامه المرادُ بها الكل المجموع لا الجميع، يعني لا يصدق بكل واحد من هذه الأسباب أن يرث به الطرفان، كل منهما يرث للآخر، وإنما هذا يكون في بعضها في الجملة وهو النكاح والنسب، وأما الولاء فلا يرث إلى من طرف واحد.