العلم بالسبب المقتضي للإرث، وهذا الشرط مَن الذي يحققه؟ يعني: من الذي يعتني به؟ الذي يحكم بانتقال المال من المورث إلى الوارث، وهذا مَن؟ القاضي، إذًا هذا شرط يتعين على القاضي، أما الوارث هذا يراه هو أمامه لا يحتاج، أو بعلم يخبر عنه، وأما المورث فهذا يثبت عنده بالشهادة أنه قد مات، وأما هذه الجهة والسببية والارتباط بين المورث والوارث فهذه ينظر فيها في أدلة الشرع، أما المورث والوارث هذا أمرٌ حسي يدرك بالحس، وأما كون هذا وارثًا من هذا، هذا يحتاج إلى دليل شرعي، إذًا هذا الشرط يرجع إلى القاضي أو الحاكم، لأنه هو الذي يحكم بانتقال هذا المال من مالكٍ إلى مالكٍ، فلا بد من معرفة ثلاثة أمور، القاضي لا بد أن يعرف ثلاثة أمور.
الأول: ما هو السبب الذي يدلي به هذا الوارث إلى مورثه؟ ما هو السبب؟ ما العلاقة؟ هذه امرأة ماتت وأنت جئت تدعي الإرث إيش علاقتك بها؟ زوجها؟ أخوها؟ لا بد أن يعرف، إما نكاح، وإما ولاء، وإما نسب، إذًا ما هو السبب من أسباب الإرث الذي يدلي به هذا الوارث إلى مورثه؟ فقد يكون من الأسباب المختلف فيها والحاكم والقاضي لا يراه، يعني: بيت المال مثلاً، أو الملتقط، أو من أسلم على يديه، هذه فيها خلاف بين أهل العلم، هل هي من أسباب الإرث أو لا؟ قد يرى القاضي أن الملتَقِط يرث، وقد لا يرى قاضي آخر أنه يرث، حينئذٍ لا بد من تعيين الأسباب الصحيحة التي يترتب عليها الإرث والأسباب التي لا يترتب عليها الإرث، وهذا يختلف من قاضٍ إلى قاضٍ، يعني: ثَمَّ خلاف بين أهل العلم قد يرى هذا القاضي ما نفاه الآخرون.
الثاني: إذا كان السبب القرابة مثلاً فما نوعها؟ تختلف القرابة، هل كل قريب ونسب؟ هل كل ذي نسب يرث؟ الجواب: لا، قد يقول: أنا قريب له، وجد عندي النسب أنا من الأرحام، هل كل ذي رحمٍ يرث؟ الجواب: لا، لا بد أن يعرف ما نوعها لاختلاف أنواعها ويختلف الحكم باختلافها، ثم الدرجة التي تجمع الوارث مع الْمُوَرِّث لئلا يكون محجوبًا لمن هو أقرب منه إلى الميت، يأتي يدَّعِي وهذا ابنُ الابِن يقول: أنا أرث من هذا. وأبوه موجود الابن حينئذٍ نقول: لا، أنت وإن كنت ذا نسب، يعني: من قرابة الميت إلا أنك لا ترث لأنك محجوب بمن هو أعلى منك رتبة.
ثالثًا: معرفة انتفاء الموانع التي تمنع من الميراث، قد يكون زوجًا ووجد فيه السبب، لكنه قاتل، قتل زوجته عندها ملايين واستعجل فقتل حينئذٍ نقول: هو زوجٌ والأصل فيه أنه يرث، لكنه قام به مانعٌ وهو القتل، (رِقٌّ وَقَتْلٌ وَاخْتِلاَفُ دِيْنِ)، إذًا العلم بالسبب المقتضي للإرث، هذا لا بد منه ولا بد أن يعرفه القاضي، هذه ثلاثة أمور ترجع إلى القضاء. إذًا هذه ثلاثة شروط.
الأول: موت المورث حقيقةً أو إلحاقه بالأموات حكمًا أو تقديرًا.
ثانيًا: حياة الوارث بعد المورث ولو لحظةً حقيقةً أو حكمًا.
ثالثًا: العلم بالسبب المقتضي للإرث.