فالدين يخرج سواء كان لله أو لآدمي وسواء كان مطلقًا أو متعلقًا بعين التركة مقدم على الوصية، وهذا الحديث في إسناده مقال ولكن يعضده المعنى والإجماع، فأما المعنى فلأن الدين واجب على الميت والتبرع الوصية، هذا أمرٌ مستحب وأيهما أولى بالتقديم؟ الواجب مقدم على المستحب، فأما المعنى فلأن الدين واجبٌ على الميت والوصية تبرع منه والواجب مقدم على التبرع، وأما الإجماع فقد أجمع أهل العلم على تقديم الدين على الوصية، فإن قيل في الآية قدمت الوصية على الدين ما الحكمة؟ ما العلة لا بد من حكمة، قيل: الجواب الحكمة في ذلك أن الدين واجبٌ والوصية تبرع، والتبرع في الغالب أنه يتساهل به، يتساهلون الناس في هذه الوصايا، والتبرع قد يتساهلُ فيه الورثة فلا يقومون بأدائه بخلاف الواجب، وأيضًا فالدين له من يطالب به بخلاف الوصية (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ) الدين سيأتي من يطالب، أما الوصية ما يدري قد لا يدري أنه أوصي له بكذا مثلاً، حينئذٍ قدم الرب جل وعلا الوصية على الدين للاهتمام بها وعدم التساهل فيها، وإن كان الدين من حيث الاستيفاء فهو المقدم على الوصية، هذا الحكمة في تقديم الوصية على الدين في النص القرآني الذي ذكرناه، وأما الإجماع نعم الإجماع سبق هذا ذكرناه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015