فقه المواريث قلنا: مواريث جمعُ ميراثُ، والمراد به المال المخلّف عن ميّت شرعًا بمعنى التركة، ويقال له: التراث. تراث وأصل التاء فيه واو، أصل التاء منقلبة عن واو هنا مثل التقوى، والميراث مصدر وَرِثَ الشيء وِراثةً وَمِيرَاثًا وَإِرْثًا، ميراث إذًا هو مصدر، وَرِثَ الشيء وِراثةً وَمِيرَاثًا وَإِرْثًا، والإرثُ هو المال المخلّف عن الميّت، فالميراث والإرث بمعنى واحد، إذًا فقهُ المواريث، أو العلمُ بقسمة المواريث، فقه المواريث، المواريث عرفنا أنه المراد به المال الذي يخلّفهُ الميِّت، فحينئذٍ أيهما أولى معلّق بعلم الفرائض، هل هو فقه المال الذي خلّفه الميت أو العلم بقسمة المال الذي خلّفهُ الميِّت؟ الثاني، والثاني أولى بالاعتبار، فيقالُ: علمُ الفرائض، أو علمُ المواريث هو: العلمُ، والعلم المراد به مُطلق الإدراك، ولكن المرادُ به هنا التصديق، لأنّ التصديق والتصوّر داخلان في مفهوم العلم، والمراد به هنا التصديقات، العلمُ بقسمة المواريث، وهل علم الحساب داخلٌ فيها أو لا؟ علم الحساب هل هو داخل في مفهوم الفرائض والمواريث أو لا؟ من حيث كونُهُ علمًا لاشك أنه داخل، لأنك إذا قلت: العلم بقسمة المواريث، للأم الثلث، وللبنتين الثلثين، والجدة السدس، إذا ما يعرف إيش معنى السدس ولا يفرق بينه وبين الثمن، كيف حينئذٍ يفهم المواريث؟ كيف يفهم؟ ما يمكن، إذًا لا يمكن استيعاب هذا العلم إلا بمعرفة الحساب، والمراد بالحساب هنا ليست المتراجحات مُثلث قُطرب .. إلى آخره، نقول: لا، المراد به ما يحتاجه الْفَرَضِي من الضرب والجمع والطرح ونحو ذلك والقسمة كذلك داخلةٌ في مفهوم ما ذُكر، إذًا العلمُ بقسمة المواريث وعلمُ الحساب [الموصِلِ أو] الموصِلُ وعلم الحساب الموصِلُ إلى قسمتها بين مستحقيها، لأن هذه القسمة موقوفة على علم الحساب، لا يمكن أن تقسم قسمة صحيحة معتبره شرعًا إلا إذا عرفت أن تمييز بين الضرب والطرح، وأما إذا كنت تخلط بين هذا وذاك، نقول: حينئذٍ لا يمكن أن توصل الحقوق إلى أصحابها، هذا مُحال، إذًا العلمُ بقسمة المواريث وعلمُ الحساب الموصلُ إلى قسمتها بين مستحقيها، أو علم الحساب الموصل لمعرفة ما يخص كل ذي حقٍّ من التركة والمراد به إيصالُ الحق إلى أصحابه.

موضوع علم الفرائض: التركات، التركة الذي هو المال الذي خلّفه الميِّت، في أي شيء يبحث علم الفرائض؟ هل نبحث عن الحساب؟ لا، قد قال بعضهم لإدخال الحساب في الموضوع كما أدخل في الحد، وليس الأمرُ كذلك، فرقٌ بين فقه الفن نفسه وبين فقه موضوع الفن، فإذا أردنا أن نعرف ما الذي يبحث عنه الفرضي؟ يبحث في المال الذي خلّفه الميّت التركة فقط، هل تعلَّق بها حق الورثة أو لا؟ حينئذٍ نظره في هذه المسألة يكون من هذه الجهة، وأما الحسابُ والطرح ونحو ذلك فهذا لا دخل له في موضوع الفرائض، وموضوعه التركات لا العدد خلافًا لمن زعم ذلك.

وثمرتُهُ: إيصال الحقوق إلى أصحابها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015