(فَهَاكَ) الفاء فاء الفصيحة، يعني: أفصحت عن جواب شرطٍ محذوف، أي: إذا أردت بيان مذهب زيد، (فَهَاكَ فِيهِ القَوْلَ) هاك ها هَا لوحدها اسمُ فعل أمر، بمعنى خذ، (فَهَاكَ) أصول الفقه لفظ اللقب، هاك أي: خُذ، (فَهَاكَ) اسمُ فعل أمر، والكاف حرفُ خطاب، ثَمَّ خلاف هل الكاف داخلة في مسمى الفعل أو لا؟ لكن التحقيق والصواب أنها ليست داخلةً في مسمى الفعل، والتحقيق أن اسم الفعل ها فقط، وأما الكاف فهي حرف خطاب مفتوحة مع المذكر هاكَ، ومكسورة مع المؤنث هاكِ، وتثنى وتجمع هَاكُمَا هَاكُمْ، هَاكُمَا هذا للمثنى، هَاكُمْ هذا للجمع، وقد تبدل الكاف همزة ومنه: {هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة: 19]، {هَاؤُمُ} هاؤمْ ؤمْ الهمزة هذه منقلبه عن الكاف، أصلها هَاكُم اقرءوا كتابيه، خذوا اقرءوا كتابيه، {هَاؤُمُ} نقول: الهمزة هذه مبدلة عن الكاف، وهي لغة ثابتة صحيحة وقد جاءت في القرآن، (فَهَاكَ) خذ، (فِيهِ) ضمير إما أنه يعود على علم الفرائض، وإما أنه يعود على مذهب زيد، وإما على مذهب الإمام الشافعي، لأنه أراد أن يؤلف هذه المنظومة على سنن أقوال الشافعي رحمه الله تعالى، فيحتمل هذا ويحتمل ذاك (فَهَاكَ فِيهِ)، أي: في فن الفرائض لأنه أراد أن يؤلف هذا النظم فيه، (فَهَاكَ فِيهِ)، أي: في مذهب الإمام الشافعي، لأن المصنف الناظم شافعي أراد أن يصنف على مذهب إمامه، (فَهَاكَ فِيهِ) في مذهب زيد، لكن هذا الثالث ليس بظاهر، لأن المصنف متأخر، ومذهب زيد ليس قائمًا بنفسه حتى يحتاجُ إلى تصنيف، فإما أن يعادُ الضمير على علم الفرائض، أو على مذهب الإمام الشافعي، لأنه هو المعتبر، المذاهب أربعة وما عداها فهي مندثرة، مذهب الإمام أحمد، أو أبو حنيفة رحمه الله تعالى، مذهب الإمام مالك، مذهب الإمام الشافعي، مذهب إمام أحمد. أربعة مذاهب مخدومة أقوال أصحابها محفوظة ومقررة بأدلتها، وما عداه فهو ماذا؟ فهو مدثور يعني: صار نسيًّا منسيًّا، وهذا الذي أراده ابن رجب إن صحت الرسالة إليه في إتباع المذاهب الأربعة، ابن رجب لاشك أنه من أهل الحديث لا يرى وجوب التقليد، يرى أنه لا يجوز الخروج عن المذاهب الأربعة، فإذا مرَّ بك قول قال الزهري وقال الليث وقال ... إلى آخره، هذه قد يحتج بها البعض ويكون احتجاجه فيه نظر، لماذا؟ وهذا أشار إليه ابن رجب رحمه الله تعالى في تلك الرسالة، وإن كان بعضهم يشكك في صحة نسبته إليه، لكن الذي أرادهُ ليس هو عدمُ جواز الخروج عن المذاهب الأربعة لذات المذاهب، ولو وُجِدَ مذهب خامس أو سادس محفوظ مخدوم بالأقوال ما أراد هذا ابن رجب أبدًا، إنما أراد ماذا؟ يقول أقوال الزهري وأقوال الليث وأقوال غيره هذه مبتورة ونُقِلَ التحريم عن الزهري، طيب الزهر يحتج بماذا؟ هل يمكن أن يأتي شخص يقول: الراجح قول الزهري؟ إذا ما نُقِل تخريج لهذا القول حينئذٍ صار هذا القول ملغي، نحنُ لا ننظرُ إلى أقوال أشخاص نحن نريدُ ماذا؟ الوصول إلى حكم شرعي، والحكم الشرعي يكون الأساس فيه والمتكأ والمعتمد هو الكتاب والسنة، فينطلق الفقيه من النظر في الكتاب والسنة، فإذا قيل: وقال به الزهري و .. و .. و ..