قوله: (الْقَوْلُ السَّدِيدُ الصَّائِبُ). فيه حسن ختام، وإشارة إلى جميع ما ذكره في هذا الكتاب هو القول السديد الصواب، لأنه ختم النظم.
قال هنا: فائدة: إذا علم موت أحدِ المتوارثين بالغرق ونحوه بعد الآخر معينًا ولم ينس فالأمر واضح أن المتأخر يرث المتقدم إجماعًا، وإن علم موتهما مرتبًا، وعين السابق ثم نسي وقف الأمر إلى البيان والصلح، وبهاتين الحالتين تحت أحوال الغرق خمسة أحوال، والصواب في الحالة الثانية أنه لا توارث، إذا نسي لا توارث، لأنه لا بد من العلم بتحقق حياة الوارث بعد موت المورث، وهنا لم يكن.
ثم قال المصنف هنا: لما أنهى المصنف رحمه الله تعالى الكلام على ما أراد أن يورد في هذه المنظومة ختمها بالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والدعاء كما ابتدأها بذلك رجاء قبول ما بينهما فقال: الحمد لله، في بعض النسخ قبل هذا البيت:
فقد أتى القول على ما شئنا ... من قسمة الميراث إذ بينا
على طريق الرمز والإشارة ... ملخصًا بأوجز العبارة
هذا في المشهور أكثر النسخ على هذا، وإن أسقطها الناظم رحمه الله تعالى.
قال: (وَقَدْ أَتَى الْقَوْلُ) قد للتحقيق (وَقَدْ أَتَى الْقَوْلُ عَلَى مَا شِئْنَا) وأردنا (مِنْ قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ) يعني أراد أن يبين قسمة الميراث (إِذْ بَيَّنَا) تعليل (بَيَّنَا) الألف هذه للإطلاق وكذلك في (شِئْنَا)، (عَلَى طَرِيقِ الرَّمْزِ) هذا متعلق بقوله: (بَيَّنَا)، (وَالإِشَارَةْ) هذا عطف تفسير (الرَّمْزِ) بمعنى الإشارة (مُلَخَّصًا) حال كونه قول (مُلَخَّصًا بِأَوْجَزِ الْعِبَارَةْ) يعني بالعبارة الموجزة أي أتى المؤلف رحمه الله تعالى بعبارة موجزة قليلة الألفاظ كثيرة المعاني متضمنة لأحكام المواريث وقسمتها وما يتعلق بها في تلك الأبيات بأحسن تركيب وأبين توضيح.
(وَالْحَمْدُ للهِ عَلَى التَّمَامِ) وعلى النسخة السابقة، فالحمد لله بالفاء، (وَالْحَمْدُ للهِ عَلَى التَّمَامِ) الحمد معلوم كما سبق مرارًا في أول الكتاب وفي غيره، (عَلَى التَّمَامِ)، (عَلَى) هنا تعليلية يعني لأجل التمام (التَّمَامِ) وأل في (التَّمَامِ) عوض عن المضاف إليه، يعني التمام في ماذا؟ تمام الكتاب، فتم شيء معين حذف المضاف إليه وأقام (أل) مقامه على مذهب الكوفيين، (وَالْحَمْدُ للهِ عَلَى التَّمَامِ) أي تمام الكتاب، أي كماله، فالتمام هنا بمعنى الإتمام وهو الإكمال، يكون الحمد على الفعل ولو ألقيناه على ظاهره لكان الحمد على الأثر، والحمد على الفعل أكمل من الحمد على الأثر، لأن الأثر يلاحظ فيه مصلحة العبد، وأما الأول فيلاحظ فيه الصفة صفة الرب جل وعلا.
وَالْحَمْدُ للهِ عَلَى التَّمَامِ ... حَمْدًا كَثِيرًا تَمَّ في الدَّوَامِ