الأولى: التي هي مسألة الميت الأول. وكذلك الميت الثاني كل منهما الأصل فيه الأولى تكون منسوخة والثانية تكون ناسخة، وكل من المسألتين يندرج تحت مسألة ثالثة أو جامعة ثالثة، المراد هنا المفاعلة ليست على بابها لأن الأولى منسوخة، والثانية ناسخة.

وقيل: على بابها، وقيل شبه مفاعلةٍ، والأشهر هو الأول لأنها ليست على بابها.

جمع مناسخةٍ مشتق من النسخ، ومعلوم أن النسخ في اللغة يأتي بمعاني منها الإزالة والتغيير أو النقل.

النسخ نقل أو إزالة كما ... حكوه عن أهل اللسان فيهما

وهذه المعاني الثلاث كلها موجودة في المعنى الاصطلاحي للمناسخة عند الفرضيين، وهو لغةً الإزالة بأن الجامعة تزيل حكم المسألتين قبلها، نعم وهو كذلك، يعني أننا نجمع بين مسألتين كل مسألة لها أصل أو عول، والمسألة الثانية لها أصل أو عول، نجمع بين الأصلين في أصل واحد، إذًا أُزيل حكم المسألة الأولى والمسألة الثانية، إذًا سميت مناسخة للإزالة لأن الجامعة تُزيل حكم المسألتين قبلها.

والتغيير يعني: لما فيها من معنى التغيير، لأنها تغيير حكمهما أيضًا فالأولى تصح من كذا، والثانية تصح من كذا، معنى تغيير، أو النقل انتقل من المسألة الأولى للثانية، نقل يعني: نظر الناظر الفرضي عند توزيع الإرث وعند معرفة نصيب ما لكل وارث انتقل من المسألة الأولى والثانية إلى الجامعة، فكل ما يكون تحت الجامعة هو الذي يكون نصيبًا لكل وارث، وأما الأولى والثانية هذا لا نظر إليها البتة.

إذًا المناسبة موجودة على كل من المعاني الثلاثة من هذه المناسخات التي تُذكر في باب الفرائض.

وشرعًا النسخ رفع حكمٍ شرعيٍ بإثبات آخر، هكذا يذكره الفرضيين في هذا الموضع، يعرِّفون النسخ عند الأصوليين، وهذا التعريف يُذكر في بابه باب النسخ عند الأصوليين، وكذلك يذكره بعض أرباب المصطلح ولكنه يُعتبر هنا حشوًا، لأن النظر ليس فيه رفع حكم شرعي بإثبات آخر، وإنما هو اصطلاح عند الفرضيين حينئذٍ صار له حقيقة عرفية تختص بما هم عليه، ولذلك قال: وفي اصطلاح الفرضيين إذًا النسخ يختلف مفهومه باختلاف الفنون، فالأصوليون لهم نظر خاص، والفرضيين لهم نظر خاص، والأولى أن لا يُذكر المعنى الأصول هنا، وذكره يعتبر حشوًا، وإنما يذكر المعنى الاصطلاحي عند الفرضيين.

ما مراد الفرضيين للمناسخات؟

قال: أن يموت من ورثة الميت الأول واحدٌ أو أكثر قبل قسمة التركة.

هلك هالك عن زوجٍ وبنتٍ وابنها، قبل أن توزع التركة بين هؤلاء الثلاثة تموت البنت عن زوجٍ وابن مثلاً، حينئذٍ صار عندنا كم مسألة؟ صار عندنا مسألتان.

المسألة الأولى: الميت الأول.

والمسألة الثانية: الميت الثاني.

حينئذٍ تُسمى هذه في اصطلاح الفرضيين مناسخة، فنجمع بين المسألتين الأصل أن نعطي المسألة الأولى أصلها وننتهي منها، ثم نأتي للمسألة الثانية ونؤصل لها وننتهي منها، كل منها على ما سبق، هذا الأصل فيها، لكن أرادوا أن يجمعوا بين المسألتين في مسألة واحدة بأن يكون لها أصل واحد وأن تكون مندرجة تحت ضابط معين، حينئذٍ سميت مناسخة بهذا المعنى، أن يموت من ورثة الميت الأول واحد إذًا عندنا ميتان ميت أول وميت ثانٍ، ولذلك قال: (وَإِنْ يَمُتْ آخَرُ).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015