قال العلامة سبط المارديني هذا له شرح على ((الرحبية)) وعليه حاشية كذلك: أي ونسأل الله تعالى لنا الإعانة فيما قصدنا من الإظهار والكشف عن مذهب الإمام زيد - رضي الله عنه -، لأن هذا من أهم القصد، فإنه لا يُخَيِّبُ من قصده. قال تعالى ... {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 32] .. الآية. قال بعض العلماء: لَمْ يَأْمُر بالمسألة إلا لِيُعْطِي. انتهى. وقال الإمام تاج الدين بن عطاء الله - هذا له مصنّف في التصوّف - متى وفقك للطلب فاعلم أنه يُريدُ أن يُعطيك، متى وفقك للطلب يعني السؤال فاعلم أنه يريد أن يعطيك.
علمًا بأنَّ العِلْمَ خيرُ ما سُعي ... فيه وأولى ماَلهُ العَبْدُ دُعِيْ
(علمًا) إعرابه منصوبٌ على ماذا؟ مفعول لأجله، ولذلك قال الشارح: منصوب على أنه مفعولٌ لأجله. واستشكله البعض هذا المشهور في إعراب هذا البيت أنه مفعولٌ لأجله، واستشكله البعض لأن الشرط فيه أن يتحد مع عامله فاعلاً، يعني المفعول الفعل والفاعل [ها] الفاعل لفاعل الفعل العامل، والفاعل للمصدر، واحد، فالعلم هنا نقول: مفعولٌ لأجله، ما العاملُ فيه؟ هذا يحتمل، هذا يحتمل ولذلك قدره هنا وهو علةٌ لقوله: (إِذْ كَانَ ذَاكَ مِنْ أَهَمِّ الْغَرَضِ). أو علة لقوله: (تَوَخَّيْنَا). إما هذا، وإما ذاك، توخينا واضح، فاعلُ التَّوَخِّي القصد هو المصنف، وعلمًا لأجل العلم هذا كذلك حاصلٌ بفعل المصنف، اتّحدا، فاعل علم وفاعل التوخي واحد اتحدا، أما (عِلْمًا) كونه علةً لقوله: (إِذْ كَانَ ذَاكَ مِنْ أَهَمِّ الْغَرَضِ). هذا منفصلٌ لا بد من التأويل، واستشكله البعض بأن الشرط في أن يتحد مع عاملة فاعلاً، فالفاعل يكون واحدًا للمصدر وللعامل، وهنا ليس كذلك فإن مرفوع كان اسم إشارة (إِذْ كَانَ ذَاكَ) هذا مرفوع كان، وفاعلُ العلمِ المصنف وهذا على جعل (عِلْمًا) علة لقوله: (إِذْ كَانَ ذَاكَ مِنْ أَهَمِّ الْغَرَضِ). إذًا انفكت الجهة، وإذا كان كذلك لا يصلح أن يكون علمًا مفعولاً لأجله وعلةً لقوله: (إِذْ كَانَ ذَاكَ). وإنما يُحمل على الثاني، وأما على جعله علةً لتوخَّيْنَا فلا إشكال لأن فاعل التوخي والعلم واحد وهو المصنف. وأُجيب عن الأول بالتأويل (إِذْ كَانَ ذَاكَ مِنْ أَهَمِّ الْغَرَضِ) عندي (عِلْمًا) إذًا اتحدا، واضح؟ اتحدا، فثَمَّ تقدير في الأول من أجل أن يُجعل قولُه (إِذْ كَانَ ذَاكَ)، (ذَاكَ) هذا مرفوعٌ بكان، وليس العامل فيه هو عامل أو ما اتصف به المصنف، لأن الإشارة هنا لما سبق الإبانة أو التوخي، حينئذٍ انفكت الجهة، فكَوْن إذ كان ذاك عاملاً في (عِلْمًا) على أنه مفعولٌ لأجله فيه نظر لعدم اتحاد الفاعل، حينئذٍ لا بد من تقدير في الأول من أجل أن يتحد عامل الأول مع عامل الثاني في الفاعل، فقيل: إذ كان ذاك الغرض عندي (عِلْمًا) فاتحدا، هكذا قيل، وقيل: الاتحاد في الفعل موجود معنًى، فكأنه قال أعُدُّه من أهم الغرض عندي علمًا .. إلى آخره، قدَّره في الأول، لأن المراد (إذ كان ذاك من أهم الغرض) عندي.
على كلٍّ (عِلْمًا) مفعول لأجله، والأحسن جعله من التوخي لعدم الاحتياج إلى التقدير.