قال هنا: (وَهَكَذَا بَنُوهُمُ جَمِيعَا) أي بنو الأعمام وبنو المعتِقين وإن نزلوا بمحض الذكور. قال المرديني في شرح ((المنظومة)): وفيه نوع تصور حيث اقتصر على ابن المعتِق وسكت عن باقي عصبته المتعصبين بأنفسهم. إذا قال: (وَهَكَذَا بَنُوهُمُ). أي: ما ذكر السابق وذكر سيد المعتق، إذًا ابن المعتق، طيب عصبته المعصبون بأنفسهم؟ هل هم داخلون أم هو خاص بابن المعتق فقط؟ قال فيه: الظاهر أنه خاص بابن المعتق. وليس لأمر كذلك ففيه قصور. قلنا: لا، ليس فيه قصور، لماذا؟ لأن المصنف لم يقصد الاستيعاب، وإنما ذكر بعضًا وترك آخرين، حينئذٍ لا اعتراض. قال الشارح: ويمكن الجواب عنه بأنهم دخلوا في قوله سابقًا (أَوِ الْمَوَالِي). نعم قد يقال، لكن الأولى من هذا أن يقال بأن الكاف في قوله: (كَالأَبِ). للتمثيل ليس استقصائية وإنما هي تمثيلية فلا اعتراض على الناظم رحمه الله تعالى.

ثم قال:

وَمَا لِذِي الْبُعْدَى مَعَ الْقَرِيبِ ... في الإِرْثِ مِنْ حَظٍّ وَلاَ نَصِيبِ

إذًا عرفنا العصبة بالنفس وعرفنا أحكامهم الثلاثة، قال هنا: ثم أعلم أنه إذا اجتمع عاصبان فأكثر فتارة يستويان، إذا لم يكن إلا عاصب واحد واضح حكمه واضح، إما أنه يأخذ كل المال، أو يأخذ ما بقي بعد الفروض، ولكن الإشكال يبقى متى؟ يبقى إذا اجتمع عندنا عاصبان فأكثر، ثم أعلم أنه إذا اجتمع عاصبان فأكثر فتارة يستويا أو يستوون إذا كانوا جماعة ثلاثة فأكثر في الجهة والدرجة والقوة، الجهة جهات العصبة بالنفس عند الحنابلة ست جهات:

الأولى: البنوة على الترتيب، يعني المقدم يُسقط الذي يليه، البنوة أولاً، ثم الأبوة، ثم الجدودة مع الإخوة، ثم بنو الإخوة، ثم العمومة، ثم الولاء، المتقدم يُسقط ما بعده، فلو وجد ابن مع أب الابن يحجب الأب على الأصل وسيأتي، لو وجد أب مع جدٍّ حجبه، كذلك إخوة مع بني الإخوة، بنو الإخوة مع العم، العم مع ذي الولاء، حينئذٍ كل متقدم يحجب ما بعده، فتحفظ هذه الجهات لأنها تفيد في الإسقاط، وباب الحجب مبني على هذه الجهات، هذا عند الحنابلة ست فقط، وعند المالكية والشافعية سبع جهات هي ما سبق نفسها لكن يزيدون السابعة بيت المال، وعند أبي حنيفة خمس جهات فقط البنوة، ثم الأبوة، ثم الأخوة، ثم العمومة، ثم الولاء. بإدخال الجد وإن علا في الأبوة، وإدخال بني الأخوة وإن نزلوا بمحض الذكور في الأخوة. إذًا على مذهب الحنابلة الجهات ست بإسقاط بيت المال فلا اعتبار له. قال: إذا اجتمع عاصبان فأكثر فتارة يستويان أو يستوون في جهة كل منهما ابن، أو كلِّ مهما جد، أو كل إخوة .. إلى آخره.

والدرجة المراد بالدرجة القرب من الميت، والقوة المراد بالقوة هنا ما كان ذا قرابتين يعني من جهتين كالأخ الشقيق فهو أقوى من الأخ لأب لأن الأخ لأب هذا قريب للميت لكنه من جهة واحدة فهو أضعف، وكذلك الأخ الشقيق من جهتين فهو أقوى، إذًا علاقة هذا الوارث العاصب بالميت من كونه من جهة واحدة أو من جهتين هو المراد بالقوة، فيشتركان أو يشتركون في المال إذا كانوا مستوين في هذه الجهات في الجهة والدرجة والقوة حينئذٍ استووا في المال، فلو هلك هالك عن ثلاثة أبناء كلهم استووا في المال، لماذا؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015