إذًا عرّف لنا الناظم العاصب أو العصبة بالنفس بأنه ما اشتمل على حكمين أو من وجد فيه أمران، أولاً يعني ضابطه متى نحكم عليه بأنه عاصب بنفسه؟
إذا أحرز كل المال عند عدم وجود صاحب فرض. ثُمَّ إن وجد صاحب فرض وبقي شيء أخذه هذا العاصب، حينئذٍ يكون قد ذكر حكمين من أحكام العصبة بالنفس، بقي واحد سيأتي نصه.
الدليل على ذلك قوله: - صلى الله عليه وسلم - «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر». وهذا مجمع عليه، ولذلك قال الشارح إجماعًا لقوله، دليل الحكم المستفاد مما تقدم وهو كونه يحرز كل المال عند الإنفراد أو كونه يأخذ ما فضل بعد الفروض، وسنده قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ألحقوا». هذا أمر والأمر للوجوب «ألحقوا الفرائض». يعني جنس الفرائض السدس والنصف والثلث والثلثين «بأهلها». يعني بأصحابها مع استيفاء الشروط السابقة «فما بقي». يعني بعد الفرض إن زاد شيء «فهو لأولى رجل ذكر». لأولى يعني لأقرب رجل حينئذٍ التقسيم هنا «فما بقي فهو». هذا دليل على أن القسمة ثنائية صاحب فرض، ثم من يأخذ ما بقي بعد أصحاب الفروض، وهذا النوع الثاني هو التعصيب «فهو لأولى رجل». أي لأقرب رجل فالمراد بالأولى الأقرب لا الأحق لأنه لو قال: «فهو لأولى رجل». يعني: أحق رجل من الذي يحدد؟ أحق قد يصدق على البعيد قد يصدق على القريب من الذي يميز؟ ولم يأت شيء من الشرع ولذلك يفسر قوله: «فهو لأولى». يعني لأقرب وهذا متميز إذا اجتمع قريب وبعيد حينئذٍ النص دل على أنه يعطى القريب، فالمراد «بالأولى». الأقرب لا الأحق إذ لو كان بمعنى الأحق لخلا من الفائدة أو عن الفائدة، لأنا لا ندري من هو الأحق بخلاف الأقرب فإنه معروف، والتقييد بالرجل هنا للأغلب وإلا فالمعتِقة عصبة:
وَلَيْسَ في النِّسَاءِ طُرًّا عَصَبَهْ ... إِلا الَّتِي مَنَّتْ بِعِتْقِ الرَّقَبَةْ