(وَالثُّلُثَانِ) مبتدأ (وَهُمَا التَّمَامُ) مبتدأ وخبر والجملة خبر المبتدأ الأول، والثلثان فيه لغتان ضم اللام وسكونها ثُلُثان ثُلْثان، وذكر في القرآن في موضعين {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: 11] {فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} وهما أي الثلثان ثنى الضمير نظرًا للفظ الثلثين (التَّمَامُ) أي المتممان لما سبق. (فَاحْفَظْ) الفاء فاء الفصيحة (فَاحْفَظْ فَكُلُّ حَافِظٍ إِمَامُ) فاحفظ أيها الناظر في هذا الكتاب ما ذكرته لك وما لم أذكره من هذا العلم وغيره، فإن حذف المعمول يؤذن بالعموم، كأنه أراد أن يجعل هذا النص عامًا في جميع الفنون، (فَاحْفَظْ) يا طالب العلم (فَكُلُّ حَافِظٍ إِمَامُ)، ما تحفظ لن تكون ولا مأموم (فَاحْفَظْ فَكُلُّ) الفاء هذه للتعليل (فَكُلُّ حَافِظٍ إِمَامُ) كأنه قال: لأن كل حافظ إمام. أي مقدم على غيره خصوصًا إذا انضم إلى حفظه فهم المحفوظ، يعني ليس المراد الحفظ المجرد لا يكون طالب العلم ببغاء يردد ما يذكره أهل العم فقط، لا، لابد أن تحفظ مع الفهم، وأما حفظ دون فهم فهذا نسخة زائدة في المجتمع، ولذلك قيل: فهم سطرين خير من حفظ وقرين، ومناظرة اثنين خير من هذين. يعني لا بد أن يجمع بين الحفظ والفهم والمناظرة وهي المدارسة والمذاكرة، بل ربما يُدّعى أن الحفظ بغير فهم لا عبرة به، بل هو كذلك، الشارح يقول: بل ربما يُدّعى أن الحفظ بغير فهم لا عبرة به، بل هو كذلك ليس له عبرة البتة، فينبغي تقييد العلم بالكتاب. إذًا ذكر في هذا الموضع هذا الباب الفروض الستة المقدرة في الشرع.
ثم بعد ذلك سيسرد أصحاب الفروض المقدرة، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.