حينئذٍ لا يصح أن يكون ما موصولية اسمية، قال به بعض المعاصرين ولم ينتبه لهذا والصواب ما ذكرناه، وما مصدرية فهو موصولٌ حرفي لا موصولٌ اسمي وإلا لاحتاج لعائدٍ محذوف مجرور بغير ما جُرّ به الموصول، والتقدير على ما أنعما به، وهذا ما يصح، فالموصول مجرورٌ بعلى، على ما، جُرّ بعلى، والعائد مجرور بالباء ولا يجوز حذفه حينئذٍ إلا شذوذًا، هذا شاذ وهذا مانعٌ لفظي، هذا يعتبرُ مانعٌ لفظي من جعل ما هنا موصولاً اسميًّا، وهناك مانعٌ معنوي أيضًا لكن هذا يمكن أن يُنَازَعْ فيه لكن الأول أشهر، وهناك مانعٌ معنوي من جعل ما هنا موصولاً اسميًّا وهو أنه لو كانت ما موصولاً اسميًّا كان المحمودْ عليه الْمُنعَمَ به، (على ما أَنْعَمَا) على الذي أنعم به، الذي أنعم، الذي اسم موصول وأنعم به صلة الموصول والموصول مع صلته في قوة المشتق، يعني على الْمُنْعَم به، والْمُنْعَم به أثرُ الإنعام، والإنعام وصفٌ لله عز وجل، والْمُنْعَم به أثرُهُ وأيهما أقوى؟ أن نُثني على صفةٍ بواسطةٍ أو بدون واسطة؟ بدون واسطة، فإذا قلت الحمد لله على إنعامه على الصفة التي أتصف بها، وهي صفةٌ قائمة به، أليس كذلك؟ أو الحمد لله على الْمُنْعَم به يعني على النعم المخلوقات، فحينئذٍ تستلزم ماذا؟ تستلزم مُنْعِمًا، إذًا أنعَمَ ومُنْعِمْ الثاني يستلزم الأول، وإذا نظرت إلى الأول وأثنيت عليه حينئذٍ أثنيت عليه مباشرةً، وهذا صار مقدمًا.
إذًا مانع معنوي وهو أنك لو جعلت ما اسمًا موصولاً حينئذٍ تعلق الثناء بالمخلوق، وهو النعم وهذه نقول هي أثرُ الإنعام والحمدُ في الأصل نقول: الثناء على الربِّ جلّ وعلا ويكون بذكر صفاته هو جلّ وعلا، الصفات القائمة به حينئذٍ تثني على تلك الصفات، وأما على الآثار فليس الأمر كذلك، وإن كان يستلزم الثناء على الآثار الثناء على أصل الصفة، هذا لا إشكال فيه، وأيهما أبلغ؟ الأول، وهذا مانع لكنه مانع ترجيح يعني لا يمنع، لو قيل به ما في بأس. لكن الأول المانع اللفظي هذا واضحٌ بيِّن.
وهناك مانعٌ معنويٌ أيضًا وهو أنه لو كانت ما موصولاً اسميًّا كان المحمود عليه الْمُنْعَمَ به الذي هو أثرُ الإنعام مع أنَّ الحمد على الإنعام أبلغ وأولى من الحمدِ على الأثر، لأن الأول يعني الحمد على الإنعام حمدٌ على فعل الله من غير واسطة مباشرة صفة الله عز وجل وهي قائمةٌ به، والثاني الْمُنْعَم به حمدٌ عليه بواسطة هذا الأثر، ولاشك أن الحمد مباشرةً بدون واسط أبلغ وأولى وأرجح مما كان بواسطة لكنه ليس بمانع من أصله لا بأس باعتباره، لكنّ الأول هو المرجح.